فهرس السور

58 - أسباب النزول سورة المجادلة

التالي السابق

سورة المجادلة

بسم اللَّهِ الرحمن الرحيم. قوله تعالى (قَد سَمِعَ اللهُ قَولَ الَّتي تُجادِلُكَ في زَوجِها) الآية. أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن الغازي قال: أخبرنا أبو عمرو محمد بن أحمد الحيري قال: أخبرنا أحمد ابن علي بن المثنى قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا محمد بن أبي عبيدة قال: حدثنا أبي عن الأعمش عن تميم بن سلمة عن عروة قال: قالت عائشة: تبارك الذي وسع سمعه كل شيء إني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة ويخفى علي بعضه وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله r وهي تقول: يا رسول الله أبلى شبابي ونثرت له بطني حتى إذا كبر سني وانقطع ولدي ظاهر مني اللهم إني أشكو إليك قال: فما برحت حتى نزل جبريل عليه السلام بهذه الآيات (قَد سَمِعَ اللهُ قَولَ الَّتي تُجادِلُكَ في زَوجِها وَتَشتَكي إِلى اللهِ) رواه أبو عبد الله في صحيحه عن أبي محمد المزني عن مطر عن أبي كريب عن محمد بن أبي عبيدة.

أخبرنا أبو بكر بن الحارث قال: أخبرنا أبو الشيخ الحافظ الأصفهاني قال: أخبرنا عبدان بن أحمد قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد. قال: أخبرنا ابن عيسى الرملي قال: أخبرنا الأعمش عن تميم بن سلمة عن عروة عن عائشة قالت: الحمد لله الذي توسع لسمع الأصوات كلها لقد جاءت المجادلة فكلمت رسول الله r وأنا في جانب البيت لا أدري ما يقول فأنزل الله تعالى (قَد سَمِعَ اللهُ قَولَ الَّتي تُجادِلُكَ في زَوجِها).

قوله تعالى (الَّذينَ يُظاهِرونَ مِنكُم مِّن نِّسائِهِم) الآية. أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد المنصوري قال: أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن زياد النيسابوري قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الأشعث قال: أخبرنا محمد بن بكار قال: أخبرنا سعيد بن بشير أنه سأل قتادة عن الظهار قال: فحدثني أن أنس بن مالك قال: إن أوس بن الصامت ظاهر من امرأته خويلة بنت ثعلبة فشكت ذلك إلى النبي r فقالت: ظاهر مني حين كبر سني ورق عظمي فأنزل الله تعالى آية الظهار فقال رسول الله r لأوس: أعتق رقبة فقال: ما لي بذلك يدان قال: فصم شهرين متتابعين قال: أما إني إذا أخطأني أن لا آكل في اليوم كل بصري قال: فأطعم ستين مسكيناً قال: لا أجد إلا أن تعينني منك بعون وصلة قال: فأعانه رسول الله r بخمسة عشر صاعاً حتى جمع أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حامد العدل قال: أخبرنا محمد بن محمد بن عبد الله بن زكريا قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدغولي قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن سيار قال: أخبرنا أبو الأصبع الحراني قال: أخبرنا محمد بن مسلمة عن محمد بن إسحاق عن معمر بن عبيد الله بن حنظلة عن يوسف بن عبد الله بن سلام قال: حدثتني خويلة بنت ثعلبة وكانت عند أوس بن الصامت أخى عبادة بن الصامت قالت: دخل علي ذات يوم وكلمني بشيء وهو فيه كالضجر فراددته فغضب فقال: أنت علي كظهر أمي ثم خرج في نادي قومه ثم رجع إلي فراودني عن نفسي فامتنعت منه فشادني فشاددته فغلبته بما تغلب به المرأة الرجل الضعيف فقلت: كلا والذي نفس خويلة بيده لا تصل إلي حتى يحكم الله تعالى في وفيك بحكمه ثم أتيت النبي r أشكو ما لقيت فقال: زوجك وابن عمك اتقي الله وأحسني صحبته فما برحت حتى نزل القرآن (قَد سَمِعَ اللهُ قَولَ الَّتي تُجادِلُكَ في زَوجِها) إلى (إِنَّ اللهَ سَميعٌ َبصيرٌ) حتى انتهى إلى الكفارة قال: مريه فليعتق رقبة قلت: يا نبي الله والله ما عنده رقبة يعتقها قال: مريه فليصم شهرين متتابعين قلت: يا نبي الله شيخ كبير ما به من صيام قال: فليطعم ستين مسكيناً قلت: يا نبي الله والله ما عنده ما يطعم قال: بلى سنعينه بعرق من تمر مكتل يسع ثلاثين صاعاً قالت: وأنا أعينه بعرق آخر قال: قد أحسنت فليتصدق.

قوله تعالى (أَلَم تَرَ إِلى الَّذينَ نُهُوا عَنِ النَجوى) قال ابن عباس ومجاهد: نزلت في اليهود والمنافقين وذلك أنهم كانوا يتناجون فيما بينهم دون المؤمنين وينظرون إلى المؤمنين ويتغامزون بأعينهم فإذا رأى المؤمنون نجواهم قالوا: ما نراهم إلا وقد بلغهم عن أقربائنا وإخواننا الذين خرجوا في السرايا قتل أو موت أو مصيبة أو هزيمة فيقع ذلك في قلوبهم ويحزنهم فلا يزالون كذلك حتى يقدم أصحابهم وأقرباؤهم فلما طال ذلك وكثر شكوا إلى رسول الله r فأمرهم أن يتناجوا دون المسلمين فلم ينتهوا عن ذلك وعادوا إلى مناجاتهم فأنزل الله تعالى هذه الآية.

قوله تعالى (وَإِذا جاءُوكَ حَيَّوكَ بِما لَم يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ). أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الخشاب قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله الأصفهاني قال: أخبرنا محمد بن إسحاق السراج قال: أخبرنا قتيبة بن سعيد قال: أخبرنا جرير عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن عائشة قالت: جاء ناس من اليهود إلى النبي r فقالوا: السلام عليك يا أبا القاسم فقلت: السلام عليكم وفعل الله بكم فقال رسول الله r: مه يا عائشة فإن الله تعالى لا يحب الفحش ولا التفحش فقلت: يا رسول الله ألست أدرى ما يقولون قال: ألست ترين أرد عليهم ما يقولون أقول: وعليكم ونزلت هذه الآية في ذلك (وَإِذا أخبرنا أبو سعيد محمد بن عبد الرحمن الغازي قال: أخبرنا أبو عمرو محمد بن أحمد الحيري قال: أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال: أخبرنا زهير بن محمد قال: أخبرنا يونس بن محمد قال: أخبرنا شيبان عن قتادة عن أنس أن يهودياً أتى النبي r فقال: السلام عليك فرد القوم فقال نبي الله r: هل تدرون ما قال قالوا الله ورسوله أعلم يا نبي الله قال: لا ولكن قال كذا وكذا ردوه علي فردوه عليه فقال: قلت السلام عليكم قال: نعم فقال نبي الله r عند ذلك: إذا سلم عليكم أحد من أهل الكتاب فقولوا: أي عليك ما قلت ونزل قوله تعالى (وَإِذا جاءُوكَ حَيَّوكَ بِما لَم يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ).

قوله تعالى (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا إِذا قيلَ لَكُم تَفَسَّحوا في المَجالِسِ فافسَحوا يَفسَحِ اللهُ لَكُم) الآية. قال مقاتل: كان النبي r في الصفة وفي المكان الضيق وذلك يوم الجمعة وكان رسول الله r يكرم أهل بدر من المهاجرين والأنصار فجاء ناس من أهل بدر وقد سبقوا إلى المجلس فقاموا حيال النبي r على أرجلهم ينتظرون أن يوسع لهم فلم يفسحوا لهم وشق ذلك على رسول الله r فقال لمن حوله من غير أهل بدر: قم يا فلان وأنت يا فلان فأقام من المجلس بقدر النفر الذي قاموا بين يديه من أهل بدر فشق ذلك على من أقيم من مجلسه وعرف النبي r الكراهية في وجوههم فقال المنافقون للمسلمين ألستم تزعمون أن صاحبكم يعدل بين الناس والله ما عدل على هؤلاء قوم أخذوا مجالسهم وأحبهم القرب من نبيهم أقامهم وأجلس من أبطأ عنهم مقامهم فأنزل الله تعالى هذه الآية.

قوله عز وجل (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا إِذا ناجَيتُمُ الرَسولَ) الآية. قال مقاتل بن حيان: نزلت الآية في الأغنياء وذلك أنهم كانوا يأتون النبي r فيكثرون مناجاته ويغلبون الفقراء على المجالس حتى كره رسول الله r ذلك من طول جلوسهم ومناجاتهم فأنزل الله تبارك وتعالى هذه الآية وأمر بالصدقة عند المناجاة فأما أهل العسرة فلم يجدوا شيئاً وأما أهل الميسرة فبخلوا واشتد ذلك على أصحاب النبي r فنزلت الرخصة.

وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا إِذا ناجَيتُمُ الرَسولَ) كان لي دينار فبعته وكنت إذا ناجيت الرسول تصدقت بدرهم حتى نفد فنسخت بالآية الأخرى (أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّموا بَينَ يَدَي نَجواكُم صَدَقاتٍ).

قوله عز وجل (أَلَم تَرَ إِلى الَّذينَ تَوَلَّوا قَوماً غَضِبَ اللهُ عَلَيهِم) الآيات إلى قوله (وَيَحسَبونَ أَنَّهُم عَلى شَيءٍ أَلا إِنَّهُم هُمُ الكاذِبونَ) وقال السدي ومقاتل: نزلت في عبد الله بن نبتل المنافق كان يجالس النبي r ثم يرفع حديثه إلى اليهود فبينا رسول الله r في حجرة من حجره إذ قال: يدخل عليكم الآن رجل قلبه قلب جبار وينظر بعيني شيطان فدخل عبد الله بن نبتل وكان زرق فقال له رسول الله r: يا غلام تشتمني أنت وأصحابك فحلف بالله ما فعل ذلك فقال له النبي r: فعلت. فانطلق فجاء بأصحابه فحلفوا بالله ما سبوه. فأنزل الله تعالى هذه الآية.

أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى أخبرنا محمد بن جعفر بن مطر أخبرنا محمد بن جعفر الفريابي أخبرنا أبو جعفر النفيلي. أخبرنا زهير بن معاوية أخبرنا سماك بن حرب قال: حدثني سعيد بن جبير أن ابن عباس حدثه أن رسول الله r كان في ظل حجرة من حجره وعنده نفر من المسلمين قد كاد الظل يقلص عنهم فقال لهم: إنه سيأتيكم إنسان ينظر إليكم بعين شيطان وإذا أتاكم فلا تكلموه فجاء رجل أزرق فدعاه رسول الله r وكلمه فقال: علام تشتمني أنت وفلان وفلان نفر دعا بأسمائهم فانطلق الرجل فدعاهم فحلفوا بالله واعتذروا إليه فأنزل الله تعالى (يَومَ يَبعَثُهُمُ اللهُ جَميعاً فَيَحلِفونَ لَهُ كَما يَحلِفونَ لَكُم وَيَحسَبونَ أَنَّهُم عَلى شَيءٍ أَلا إِنَّهُمُ هُمُ الكاذِبونَ) رواه الحاكم في صحيحه عن قوله تعالى (لا تَجِدُ قَوماً يُؤمِنونَ بِاللهِ وَاليَومَ الآَخَرِ يُوادّونَ مَن حادَّ اللهَ وَرَسولَهُ) الآية. قال ابن جريج: حدثت أن أبا قحافة سب النبي r فصكه أبو بكر صكة شديدة سقط منها ثم ذكر ذلك للنبي r قال: أوفعلته قال: نعم قال: فلا تعد إليه فقال أبو بكر: والله لو كان السيف قريباً مني لقتلته. فأنزل الله تبارك وتعالى هذه الآية.

وروى عن ابن مسعود أنه قال: نزلت هذه الآية في أبي عبيدة بن الجراح قتل أباه عبد الله بن الجراح يوم أحد. وفي أبي بكر دعا ابنه يوم بدر إلى البراز فقال: يا رسول الله دعني أكن في الرعلة الأولى فقال له رسول الله r: متعنا بنفسك يا أبا بكر أما تعلم أنك عندي بمنزلة سمعي وبصري وفي مصعب بن عمير قتل أخاه عبيد بن عمير يوم أحد. وفي عمر قتل خاله العاص بن هشام بن المغيرة يوم بدر وفي علي وحمزة قتلوا عتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة يوم بدر وذلك قوله (وَلَو كانوا ءَاباءَهُم أَو أَبناءَهُم أَو إِخوانَهُم أَو عَشيرَتُهُم).

 

أعلى