فهرس تفسير الجلالين للسور

10 - تفسير الجلالين سورة يونس

التالي السابق

10. سورة يونس

1. ( الر ) الله أعلم بمراده بذلك ( تلك ) أي هذه الآيات ( آيات الكتاب ) القرآن والإضافة بمعنى من ( الحكيم ) المحكم

2. ( أكان للناس ) أي أهل مكة استفهام إنكار والجار والمجرور حال من قوله ( عجباً ) بالنصب خبر كان وبالرفع اسمها والخبر وهو اسمها على الأولى ( أن أوحينا ) أي إيحاؤنا ( إلى رجل منهم ) محمد صلى الله عليه وسلم ( أن ) مفسرة ( أنذر ) خوف ( الناس ) الكافرين بالعذاب ( وبشر الذين آمنوا أن ) أي بأن ( لهم قدم ) سلف ( صدق عند ربهم ) أي أجراً حسناً بما قدموه من الأعمال ( قال الكافرون إن هذا ) النبي صلى الله عليه وسلم ( لسحر مبين ) بيِّن وفي قراءة { لساحر } والمشار إليه القرآن المشتمل على ذلك

3. ( إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ) من الدنيا ، أي في قدرها لأنه لم يكن ثم شمس ولا قمر ولو شاء لخلقهن في لمحة ، والعدول عنه لتعليم خلقه التثبت ( ثم استوى على العرش ) استواء يليق به ( يدبر الأمر ) بين الخلائق ( ما من ) صلة ( شفيع ) يشفع لأحد ( إلا من بعد إذنه ) رد لقولهم إن الأصنام تشفع لكم ( ذلكم ) الخالق المدبر ( الله ربكم فاعبدوه ) وحدوه ( أفلا تذَّكَّرون ) بإدغام التاء في الأصل في الذال

4. ( إليه ) تعالى ( مرجعكم جميعاً وعد الله حقاً ) مصدران منصوبان بفعلهما المقدر ( إنه ) بالكسر استئنافا والفتح على تقدير اللام ( يبدأ الخلق ) أي بدأه بالإنشاء ( ثم يعيده ) بالبعث ( ليجزي ) يثيب ( الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط والذين كفروا لهم شراب من حميم ) ماء بالغ نهاية الحرارة ( وعذاب أليم ) مؤلم ( بما كانوا يكفرون ) أي بسبب كفرهم

5. ( هو الذي جعل الشمس ضياء ) ذات ضياء أي نور ( والقمر نوراً وقدره ) من حيث سيره ( منازل ) ثمانية وعشرين ليلة من كل شهر منزلاً من ثمان وعشرين ويستتر ليلتين إن كان الشهر ثلاثين يوماً أو ليلةً إن كان تسعة وعشرين يوماً ( لتعلموا ) بذلك ( عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك ) المذكور ( إلا بالحق ) لا عبثاً ، تعالى عن ذلك ( يفصل ) بالياء والنون يبين ( الآيات لقوم يعلمون ) يتدبرون

6. ( إن في اختلاف الليل والنهار ) بالذهاب والمجيء والزيادة والنقصان ( وما خلق الله في السماوات ) من ملائكة وشمس وقمر ونجوم وغير ذلك ( والأرض ) في الأرض من حيوان وجبال وبحار وأنهار وأشجار وغيرها ( لآيات ) دلالات على قدرته تعالى ( لقوم يتقون ) فيؤمنون خصهم بالذكر لأنهم المنتفعون بها

 

 

7. ( إن الذين لا يرجون لقاءنا ) بالبعث ( ورضوا بالحياة الدنيا ) بدل الآخرة لإنكارهم لها ( واطمأنوا بها ) سكنوا إليها ( والذين هم عن آياتنا ) دلائل وحدانيتنا ( غافلون ) تاركون النظر فيها

8. ( أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون ) من الشرك والمعاصي

9. ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ) يرشدهم ( ربهم بإيمانهم ) به بأن يجعل لهم نوراً يهتدون به يوم القيامة ( تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم )

10. ( دعواهم فيها ) طلبهم يشتهونه في الجنة أن يقولوا ( سبحانك اللهم ) أي يا الله فإذا ما طلبوه وجدوه بين أيديهم ( وتحيتهم ) فيما بينهم ( فيها سلام وآخر دعواهم أن ) مفسرة ( الحمد لله رب العالمين )

11. ونزل لما استعجل المشركون العذاب ( ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم ) أي كاستعجالهم ( بالخير لقضي ) بالبناء للمفعول وللفاعل ( إليهم أجلهم ) بالرفع والنصب بأن يهلكهم ولكن يمهلهم ( فنذر ) نترك ( الذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون ) يترددون متحيرين

12. ( وإذا مس الإنسان ) الكافر ( الضر ) المرض والفقر ( دعانا لجنبه ) أي مضطجعاً ( أو قاعداً أو قائماً ) أي في كل حالٍ ( فلما كشفنا عنه ضره مر ) على كفره ( كأنْ ) مخففة واسمها محذوف أي كأنه ( لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك ) كما زين له الدعاء عند الضرر والإعراض عند الرخاء ( زين للمسرفين ) المشركين ( ما كانوا يعملون )

13. ( ولقد أهلكنا القرون ) الأمم ( من قبلكم ) يا أهل مكة ( لما ظلموا ) بالشرك ( و ) قد ( جاءتهم رسلهم بالبينات ) الدالات على صدقهم ( وما كانوا ليؤمنوا ) عطف على ظلموا ( كذلك ) كما أهلكنا أولئك ( نجزي القوم المجرمين ) الكافرين

14. ( ثم جعلناكم ) يا أهل مكة ( خلائف ) جمع خليفة ( في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون ) فيها وهل تعتبرون بهم فتصدقوا رسلنا

 

15. ( وإذا تتلى عليهم آياتنا ) القرآن ( بيناتٍ ) ظاهراتٍ حال ( قال الذين لا يرجون لقاءنا ) لا يخافون البعث ( ائت بقرآن غير هذا ) ليس فيه عيب آلهتنا ( أو بدِّله ) من تلقاء نفسك ( قل ) لهم ( ما يكون ) ينبغي ( لي أن أبدله من تلقاء ) قبل ( نفسي إن ) ما ( أتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي ) بتبديله ( عذاب يوم عظيم ) هو يوم القيامة

16. ( قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم ) أعلمكم ( به ) ولا نافية عطف على ما قبله ، وفي قراءة بلام جواب لو : أي لأعلمكم به على لسان غيري ( فقد لبثت ) مكثت ( فيكم عمراً ) سنيناً أربعين ( من قبله ) لا أحدثكم بشيء ( أفلا تعقلون ) أنه ليس من قِبَلي

17. ( فمن ) أي لا أحد ( أظلم ممن افترى على الله كذباً ) بنسبة الشريك إليه ( أو كذب بآياته ) القرآن ( إنه ) أي الشأن ( لا يفلح ) يسعد ( المجرمون ) المشركون

18. ( ويعبدون من دون الله ) أي غيره ( ما لا يضرهم ) إن لم يعبدوه ( ولا ينفعهم ) إن عبدوه وهو الأصنام ( ويقولون ) عنها ( هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل ) لهم ( أتنبئون الله ) تخبرونه ( بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض ) استفهام إنكار إذ لو كان له شريك لعلمه إذ لا يخفي عليه شيء ( سبحانه ) تنزيهاً له ( وتعالى عما يشركونـ ) ـه معه

19. ( وما كان الناس إلا أمة واحدة ) على دين واحد وهو الإسلام ، من لدن آدم إلى نوح ، وقيل من عهد إبراهيم إلى عمرو بن لحيّ ( فاختلفوا ) بأن ثبت بعض وكفر بعض ( ولولا كلمة سبقت من ربك ) بتأخير الجزاء إلى يوم القيامة ( لقضي بينهم ) أي الناس في الدنيا ( فيما فيه يختلفون ) من الدين بتعذيب الكافرين

20. ( ويقولون ) أي أهل مكة ( لولا ) هلا ( أنزل عليه ) على محمد صلى الله عليه وسلم ( آية من ربه ) كما كان للأنبياء من الناقة والعصا واليد ( فقل ) لهم ( إنما الغيب ) ما غاب عن العباد أي أمره ( لله ) ومنه الآيات فلا يأتي بها إلا هو وإنما علي التبليغ ( فانتظروا ) العذاب إن لم تؤمنوا ( إني معكم من المنتظرين )

26. ( للذين أحسنوا ) بالإيمان ( الحسنى ) الجنة ( وزيادة ) هي النظر إليه تعالى كما في حديث مسلم ( ولا يرهق ) يغشى ( وجوههم قتر ) سواد ( ولا ذلة ) كآبة ( أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون )

27. ( والذين ) عطف على الذين أحسنوا ، أي وللذين ( كسبوا السيئات ) عملوا الشرك ( جزاء سيئةٍ بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من ) زائدة ( عاصم ) مانع ( كأنما أغشيت ) ألبست ( وجوههم قطَعاً ) بفتح الطاء ، جمع قطعة وإسكانها أي جزءاً ( من الليل مظلماً أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون )

28. ( و ) اذكر ( يوم نحشرهم ) أي الخلق ( جميعاً ثم نقول للذين أشركوا مكانكم ) نصب بالزموا مقدراً ( أنتم ) تأكيد للضمير المستتر في الفعل المقدر ليعطف عليه ( وشركاؤكم ) أي الأصنام ( فزيَّلنا ) ميزنا ( بينهم ) وبين المؤمنين كما في آية { وامتازوا اليوم أيها المجرمون } ( وقال ) لهم ( شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون ) ما نافية وقدم المفعول للفاصلة

29. ( فكفى بالله شهيداً بيننا وبينكم إن ) مخففة أي إنا ( كنا عن عبادتكم لغافلين )

30. ( هنالك ) أي ذلك اليوم ( تبلُو ) من البلوى ، وفي قراءة بتاءين { تتلو } من التلاوة ( كل نفس ما أسلفت ) قدمت من العمل ( وردوا إلى الله مولاهم الحق ) الثابت الدائم ( وضل ) غاب ( عنهم ما كانوا يفترون ) عليه من الشركاء

31. ( قل ) لهم ( من يرزقكم من السماء ) بالمطر ( والأرض ) بالنبات ( أم من يملك السمع ) بمعنى الأسماع أي خلقها ( والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر ) بين الخلائق ( فسيقولون ) هو ( الله فقل ) لهم ( أفلا تتقون ) فتؤمنون

32. ( فذلكم ) الفاعل لهذه الأشياء ( الله ربكم الحق ) الثابت ( فماذا بعد الحق إلا الضلال ) استفهام تقرير ، أي ليس بعده غيره فمن أخطأ الحق وهو عبادة الله وقع في الضلال ( فأنى ) كيف ( تصرفون ) عن الإيمان مع قيام البرهان

33. ( كذلك ) كما صرف هؤلاء عن الإيمان ( حقت كلمة ربك على الذين فسقوا ) كفروا ، وهي { لأملأن جهنم } الآية ، أو هي ( أنهم لا يؤمنون )

34. ( قل هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده قل الله يبدأ الخلق ثم يعيده فأنى تؤفكون ) تصرفون عن عبادته مع قيام الدليل

35. ( قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق ) بنصب الحجج وخلق الاهتداء ( قل الله يهدي للحق ، أفمن يهدي إلى الحق ) وهو الله ( أحق أن يتبع أم من لا يهدِّي ) يهتدي ( إلا أن يُهدى ) أحق أن يتبع ، استفهام تقرير وتوبيخ ، أي الأول أحق ( فما لكم كيف تحكمون ) هذا الحكم الفاسد من اتباع ما لا يحق اتباعه

36. ( وما يتبع أكثرهم ) في عبادة الأصنام ( إلا ظناً ) حيث قلَّدوا فيه آباءهم ( إن الظن لا يغني من الحق شيئاً ) فيما المطلوب منه العلم ( إن الله عليم بما يفعلون ) فيجازيهم عليه

37. ( وما كان هذا القرآن أن يفترى ) أي افتراء ( من دون الله ) غيره ( ولكن ) أنزل ( تصديقَ الذي بين يديه ) من الكتب ( وتفصيلَ الكتاب ) تبيين ما كتبه الله من الأحكام وغيرها ( لا ريب ) لا شك ( فيه من رب العالمين ) متعلق بتصديق أو بأنزل المحذوف وقرئ برفع تصديق وتفصيل بتقدير هو

38. ( أم ) بل ( يقولون افتراه ) اختلقه محمد ( قل فأتوا بسورة مثله ) في الفصاحة والبلاغة على وجه الافتراء فإنكم عربيون فصحاء مثلي ( وادعوا ) للإعانة عليه ( من استطعتم من دون الله ) أي غيره ( إن كنتم صادقين ) في أنه افتراء فلم تقدروا على ذلك

39. قال تعالى ( بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ) أي القرآن ولم يتدبروه ( ولما ) لم ( يأتهم تأويله ) عاقبة ما فيه من الوعيد ( كذلك ) التكذيب ( كذب الذين من قبلهم ) رسلهم ( فانظر كيف كان عاقبة الظالمين ) بتكذيب الرسل أي آخر أمرهم من الهلاك فكذلك نهلك هؤلاء

40. ( ومنهم ) أي أهل مكة ( من يؤمن به ) لعلم الله ذلك منهم ( ومنهم من لا يؤمن به ) أبداً ( وربك أعلم بالمفسدين ) تهديد لهم

41. ( وإن كذبوك فقل ) لهم ( لي عملي ولكم عملكم ) أي لكل جزاء عمله ( أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون ) وهذا منسوخ بآية السيف

42. ( ومنهم من يستمعون إليك ) إذا قرأت القرآن ( أفأنت تسمع الصم ) شبههم بهم في عدم الانتفاع بما يتلى عليهم ( ولو كانوا ) مع الصمم ( لا يعقلون ) يتدبرون

43. ( ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون ) شبَّههم بهم في عدم الاهتداء بل أعظم { فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور }

44. ( إن الله لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون )

45. ( ويوم يحشرهم كأن ) أي كأنهم ( لم يلبثوا ) في الدنيا أو القبور ( إلا ساعةً من النهار ) لهول ما رأوا ، وجملة التشبيه حال من الضمير ( يتعارفون بينهم ) يعرف بعضهم بعضاً إذا بعثوا ثم ينقطع التعارف لشدة الأحوال والجملة حال مقدرة أو متعلق الظرف ( قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله ) بالبعث ( وما كانوا مهتدين )

46. ( وإما ) فيه إدغام نون إن الشرطية في ما المزيدة ( نُرينَّك بعض الذي نعدهم ) به من العذاب في حياتك وجواب الشرط محذوف أي فذاك ( أو نتوفينك ) قبل تعذيبهم ( فإلينا مرجعهم ثم الله شهيد ) مطلع ( على ما يفعلون ) من تكذيبهم وكفرهم فيعذبهم أشد العذاب

47. ( ولكل أمة ) من الأمم ( رسول فإذا جاء رسولهم ) إليهم فكذبوه ( قضي بينهم بالقسط ) بالعدل فيعذبون وينجى الرسول ومن صدقه ( وهم لا يظلمون ) بتعذيبهم بغير جرم فكذلك نفعل بهؤلاء

48. ( ويقولون متى هذا الوعد ) بالعذاب ( إن كنتم صادقين ) فيه

49. ( قل لا أملك لنفسي ضراً ) أدفعه ( ولا نفعاً ) أجلبه ( إلا ما شاء الله ) أي يقدرني عليه ، فكيف أملك لكم حلول العذاب ( لكل أمة أجل ) مدة معلومة لهلاكهم ( إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ) يتأخرون عنه ( ساعة ولا يستقدمون ) يتقدمون عليه

50. ( قل أرأيتم ) أخبروني ( إن أتاكم عذابه ) أي الله ( بياتاً ) ليلاً ( أو نهاراً ماذا ) أي شيء ( يستعجل منه ) أي العذاب ( المجرمون ) المشركون ، فيه وضع الظاهر موضع المضمر وجملة الاستفهام جواب شرط : كقولك إذا أتيتك ماذا تعطيني ، والمراد به التهويل أي ما أعظم ما استعجلوه

51. ( أثُم إذا ما وقع ) حلَّ بكم ( آمنتم به ) أي الله أو العذاب عند نزوله والهمزة لإنكار التأخير فلا يقبل منكم ويقال لكم ( آلآن ) تؤمنون ( وقد كنتم به تستعجلون ) استهزاء

52. ( ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد ) أي الذي تخلدون فيه ( هل ) ما ( تجزون إلا ) جزاء ( بما كنتم تكسبون )

53. ( ويستنبئونك ) يستخبرونك ( أحق هو ) أي ما وعدتنا به من العذاب والبعث ( قل إي ) نعم ( وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين ) بفائتين العذاب

54. ( ولو أن لكل نفس ظلمت ) كفرت ( ما في الأرض ) جميعاً من الأموال ( لافتدت به ) من العذاب يوم القيامة ( وأسروا الندامة ) على ترك الإيمان ( لما رأوا العذاب ) أخفاها رؤساؤهم عن الضعفاء الذين أضلوهم مخافة التعيير ( وقضي بينهم ) بين الخلائق ( بالقسط ) بالعدل ( وهم لا يظلمون ) شيئاً

55. ( ألا إن لله ما في السماوات والأرض ألا إن وعد الله ) بالبعث والجزاء ( حق ) ثابت ( ولكن أكثرهم ) أي الناس ( لا يعلمون ) ذلك

56. ( هو يحيي ويميت وإليه ترجعون ) في الآخرة فيجازيكم بأعمالكم

57. ( يا أيها الناس ) أي أهل مكة ( قد جاءتكم موعظة من ربكم ) كتاب فيه ما لكم وما عليكم وهو القرآن ( وشفاء ) دواء ( لما في الصدور ) من العقائد الفاسدة والشكوك ( وهدى ) من الضلال ( ورحمة للمؤمنين ) به

58. ( قل بفضل الله ) الإسلام ( وبرحمته ) القرآن ( فبذلك ) الفضل والرحمة ( فليفرحوا هو خير مما يجمعون ) من الدنيا بالياء والتاء

59. ( قل أرأيتم ) أخبروني ( ما أنزل الله ) خلق ( لكم من رزق فجعلتم منه حراماً وحلالاً ) كالبحيرة والسائبة والميتة ( قل آلله أذن لكم ) في ذلك بالتحليل والتحريم لا ( أم ) بل ( على الله تفترون ) تكذبون بنسبة ذلك إليه

60. ( وما ظن الذين يفترون على الله الكذب ) أي شيء ظنهم به ( يوم القيامة ) أيحسبون أنه لا يعاقبهم لا ( إن الله لذو فضل على الناس ) بإمهالهم والإنعام عليهم ( ولكن أكثرهم لا يشكرون )

61. ( وما تكون ) يا محمد ( في شأن ) أمر ( وما تتلو منه ) أي من الشأن أو الله ( من قرآن ) أنزله عليك ( ولا تعملون ) خاطبه وأمته ( من عمل إلا كنا عليكم شهوداً ) رقباء ( إذ تفيضون ) تأخذون ( فيه ) أي العمل ( وما يعزب ) يغيب ( عن ربك من مثقال ) وزن ( ذرة ) أصغر نملة ( في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين ) بيِّن هو اللوح المحفوظ

62. ( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) في الآخرة

63. هم ( الذين آمنوا وكانوا يتقون ) الله بامتثال أمره ونهيه

64. ( لهم البشرى في الحياة الدنيا ) فسرت في حديث صححه الحاكم بالرؤيا الصالحة يراها الرجل أو تُرى له ( وفي الآخرة ) الجنة والثواب ( لا تبديل لكلمات الله ) لا خلف لمواعيده ( ذلك ) المذكور ( هو الفوز العظيم )

65. ( ولا يحزنك قولهم ) لك لست مرسلاً وغيره ( إن ) استئناف ( العزة ) القوة ( لله جميعا هو السميع ) للقول ( العليم ) بالفعل فيجازيهم وينصرك

66. ( ألا إن لله من في السماوات ومن في الأرض ) عبيداً وملكاً وخلقاً ( وما يتبع الذين يدعون ) يعبدون ( من دون الله ) أي غيره أصناماً ( شركاء ) له على الحقيقة تعالى على ذلك ( إن ) ما ( يتبعون ) في ذلك ( إلا الظن ) أي ظنهم أنها آلهة تشفع لهم ( وإن ) ما ( هم إلا يخرصون ) يكذبون في ذلك

67. ( هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصراً ) إسناد الإبصار إليه مجاز لأنه يبصر فيه ( إن في ذلك لآيات ) دلالات على وحدانيته تعالى ( لقوم يسمعون ) سماع تدبرٍ واتعاظ

68. ( قالوا ) أي اليهود والنصارى ومن زعم أن الملائكة بنات الله ( اتخذ الله ولداً ) قال تعالى لهم ( سبحانه ) تنزيهاً له عن الولد ( هو الغني ) عن كل أحد وإنما يطلب الولد من يحتاج إليه ( له ما في السماوات وما في الأرض ) ملكاً وخلقاً وعبيداً ( إن ) ما ( عندكم من سلطانٍ ) حجةٍ ( بهذا ) الذي تقولونه ( أتقولون على الله ما لا تعلمون ) استفهام توبيخ

69. ( قل إن الذين يفترون على الله الكذب ) بنسبه الولد إليه ( لا يفلحون ) لا يسعدون

70. لهم ( متاع ) قليل ( في الدنيا ) يتمتعون به مدة حياتهم ( ثم إلينا مرجعهم ) بالموت ( ثم نذيقهم العذاب الشديد ) بعد الموت ( بما كانوا يكفرون )

71. ( واتل ) يا محمد ( عليهم ) أي كفار مكة ( نبأ ) خبر ( نوح ) ويبدل منه ( إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبُر ) شق ( عليكم مَقامي ) لبثي فيكم ( وتذكيري ) وعظي إياكم ( بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم ) اعزموا على أمر تفعلونه بي ( وشركاءكم ) الواو بمعنى مع ( ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ) مستوراً بل أظهروه وجاهروني به ( ثم اقضوا إلي ) امضوا فيما أردتموه ( ولا تُنظرون ) تمهلون فإني لست مبالياً بكم

72. ( فإن توليتم ) عن تذكيري ( فما سألتكم من أجر ) ثواب عليه فتُوَلُّوا ( إن ) ما ( أجري ) ثوابي ( إلا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين )

73. ( فكذبوه فنجيناه ومن معه في الفلك ) السفينة ( وجعلناهم ) أي من معه ( خلائف ) في الأرض ( وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا ) بالطوفان ( فانظر كيف كان عاقبة المنذَرين ) من إهلاكهم فكذلك نفعل بمن كذب

74. ( ثم بعثنا من بعده ) أي نوح ( رسلاً إلى قومهم ) كإبراهيم وهود وصالح ( فجاؤوهم بالبينات ) المعجزات ( فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل ) أي قبل بعث الرسل إليهم ( كذلك نطبع ) نختم ( على قلوب المعتدين ) فلا تقبل الإيمان كما طبعنا على قلوب أولئك

75. ( ثم بعثنا من بعدهم موسى وهارون إلى فرعون وملئه ) قومه ( بآياتنا ) التسع ( فاستكبروا ) عن الإيمان بها ( وكانوا قوما مجرمين )

76. ( فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا إن هذا لسحر مبين ) بيِّن ظاهر

77. ( قال موسى أتقولون للحق لما جاءكم ) إنه لسحر ( أسحر هذا ) وقد أفلح من أتى به وأبطل سحر السحرة ( ولا يفلح الساحرون ) والاستفهام في الموضعين للإنكار

78. ( قالوا أجئتنا لتلفتنا ) لتردنا ( عما وجدنا عليه آباءنا وتكون لكما الكبرياء ) الملك ( في الأرض ) أرض مصر ( وما نحن لكما بمؤمنين ) مصدقين

79. ( وقال فرعون ائتوني بكل ساحر عليم ) فائق في علم السحر

80. ( فلما جاء السحرة قال لهم موسى ) بعد ما قالوا له { إما أن تلقي وإما أن نكون نحن الملقين } ( ألقوا ما أنتم ملقون )

81. ( فلما ألقوا ) حبالهم وعصيهم ( قال موسى ما ) استفهامية مبتدأ خبره ( جئتم به السحر ) بدل ، وفي قراءة بهمزة واحدة إخبار ، فما اسم موصول مبتدأ ( إن الله سيبطله ) أي سيمحقه ( إن الله لا يصلح عمل المفسدين )

82. ( ويحق ) يثبت ويظهر ( الله الحق بكلماته ) بمواعيده ( ولو كره المجرمون )

83. ( فما آمن لموسى إلا ذرية ) طائفة ( من ) أولاد ( قومه ) أي فرعون ( على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم ) يصرفهم عن دينه بتعذيبهم ( وإن فرعون لعالٍ ) متكبر ( في الأرض ) أرض مصر ( وإنه لمن المسرفين ) المتجاوزين الحد بادعاء الربوبية

84. ( وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين )

85. ( فقالوا على الله توكلنا ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ) أي لا تظهرهم علينا فيظنوا أنهم على الحق فيفتتنوا بنا

86. ( ونجنا برحمتك من القوم الكافرين )

87. ( وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوآ ) اتخذا ( لقومكما بمصر بيوتاً واجعلوا بيوتكم قبلة ) مصلى تصلون فيه لتأمنوا من الخوف ، وكان فرعون منعهم من الصلاة ( وأقيموا الصلاة ) أتموها ( وبشر المؤمنين ) بالنصر والجنة

88. ( وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالاً في الحياة الدنيا ربنا ) آتيتهم ذلك ( ليضلوا ) في عاقبته ( عن سبيلك ) دينك ( ربنا اطمس على أموالهم ) امسخها ( واشدد على قلوبهم ) اطبع عليها واستوثق ( فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم ) المؤلم ، دعا عليهم وأمَّن هارون على دعائه

89. ( قال ) تعالى ( قد أجيبت دعوتكما ) فمسخت أموالهم حجارةً ولم يؤمن فرعون حتى أدركه الغرق ( فاستقيما ) على الرسالة والدعوة إلى أن يأتيهم العذاب ( ولا تتبعانِّ سبيل الذين لا يعلمون ) في استعجال قضائي روي أنه مكث بعدها أربعين سنة

90. ( وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم ) لحقهم ( فرعون وجنوده بغياً وعدواً ) مفعول له ( حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه ) أي بأنه وفي قراءة بالكسر استئنافا ( لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين ) كرره ليقبل منه فلم يقبل ، ودس جبريل في فيه حمأة البحر مخافة أن تناله الرحمة وقال له

91. ( آلآن ) تؤمن ( وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين ) بضلالك وإضلالك عن الإيمان

92. ( فاليوم ننجيك ) نخرجك من البحر ( ببدنك ) جسدك الذي لا روح فيه ( لتكون لمن خلفك ) بعدك ( آية ) عبرة فيعرفوا عبوديتك ولا يُقدِموا على مثل فعلك ، وعن ابن عباس أن بعض بني إسرائيل شكُّوا في موته فأُخرج لهم ليروه ( وإن كثيراً من الناس ) أي أهل مكة ( عن آياتنا لغافلون ) لا يعتبرون بها

93. ( ولقد بوأنا ) أنزلنا ( بني إسرائيل مبوَّأ صدق ) منزل كرامة وهو الشام ومصر ( ورزقناهم من الطيبات فما اختلفوا ) بأن آمن بعض وكفر بعض ( حتى جاءهم العلم إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ) من أمر الدين بإنجاء المؤمنين وتعذيب الكافرين

94. ( فإن كنت ) يا محمد ( في شك مما أنزلنا إليك ) من القصص فرضاً ( فاسأل الذين يقرؤون الكتاب ) التوراة ( من قبلك ) فإنه ثابت عندهم يخبرونك بصدقه ، قال صلى الله عليه وسلم : لا أشك ولا أسأل ( لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين ) الشاكين فيه

95. ( ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله فتكون من الخاسرين )

96. ( إن الذين حقت ) وجبت ( عليهم كلمة ربك ) بالعذاب ( لا يؤمنون )

97. ( ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم ) فلا ينفعهم حينئذ

98. ( فلولا ) فهلا ( كانت قرية ) أريد أهلها ( آمنت ) قبل نزول العذاب بها ( فنفعها إيمانها إلا ) لكن ( قوم يونس لما آمنوا ) عند رؤية أمارة العذاب ولم يؤخروا إلى حلوله ( كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين ) انقضاء آجالهم

99. ( ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس ) بما لم يشأه الله منهم ( حتى يكونوا مؤمنين ) لا

100. ( وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ) بإرادته ( ويجعل الرجس ) العذاب ( على الذين لا يعقلون ) يتدبرون آيات الله

101. ( قل ) لكفار مكة ( انظروا ماذا ) أي الذي ( في السماوات والأرض ) من الآيات الدالة على وحدانية الله تعالى ( وما تغني الآيات والنذر ) جمع نذير ، أي الرسل ( عن قوم لا يؤمنون ) في علم الله أي ما تنفعهم

102. ( فهل ) فما ( ينتظرون ) بتكذيبك ( إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم ) من الأمم أي مثل وقائعهم من العذاب ( قل فانتظروا ) ذلك ( إني معكم من المنتظرين )

103. ( ثم ننجّي ) المضارع لحكاية الحال الماضي ( رسلنا والذين آمنوا ) من العذاب ( كذلك ) الإنجاء ( حقاً علينا ننج المؤمنين ) النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حين تعذيب المشركين

104. ( قل يا أيها الناس ) أي يا أهل مكة ( إن كنتم في شك من ديني ) أنه حق ( فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله ) أي غيره ، وهو الأصنام لشككم فيه ( ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم ) يقبض أرواحكم ( وأمرت أن ) أي بأن ( أكون من المؤمنين )

105. ( و ) قيل لي ( أن أقم وجهك للدين حنيفاً ) مائلاً إليه ( ولا تكونن من المشركين )

106. ( ولا تدع ) تعبد ( من دون الله ما لا ينفعك ) إن عبدته ( ولا يضرك ) إن لم تعبده ( فإن فعلت ) ذلك فرضاً ( فإنك إذا من الظالمين )

107. ( وإن يمسسك ) يصيبك ( الله بضر ) كفقر ومرض ( فلا كاشف ) رافع ( له إلا هو وإن يردك بخير فلا رادّ ) دافع ( لفضله ) الذي أرادك به ( يصيب به ) أي بالخير ( من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم )

108. ( قل يا أيها الناس ) أي أهل مكة ( قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ) لأن ثواب اهتدائه له ( ومن ضل فإنما يضل عليها ) لأن وباله ضلاله عليها ( وما أنا عليكم بوكيل ) فأجبركم على الهدى

109. ( واتبع ما يوحى إليك ) من ربك ( واصبر ) على الدعوة وأذاهم ( حتى يحكم الله ) فيهم بأمره ( وهو خير الحاكمين ) أعدَلهم ، وقد صبر حتى حكم على المشركين بالقتال وأهل الكتاب بالجزية

 

أعلى