فهرس تفسير الجلالين للسور

7 - تفسير الجلالين سورة الأعراف

التالي السابق

7. سورة الأعراف

1. ( المص ) الله أعلم بمراده بذلك

2. هذا ( كتاب أنزل إليك ) خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ( فلا يكن في صدرك حرج ) ضيق ( منه ) أن تبلغه مخافة أن تكذب ( لتنذر ) متعلق بأنزل أي للإنذار ( به وذكرى ) تذكرة ( للمؤمنين ) به

3. قل لهم ( اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ) أي القرآن ( ولا تتبعوا ) تتخذوا ( من دونه ) أي الله أي غيره ( أولياء ) تطيعونهم في معصيته تعالى ( قليلاً ما تذكرون ) بالياء والتاء تتعظون ، وفيه إدغام التاء في الأصل في الذال وفي قراءة بسكونها ، وما زائدة لتأكيد القلة

4. ( وكم ) خبرية مفعول ( من قرية ) أريد أهلها ( أهلكناها ) أردنا إهلاكها ( فجاءها بأسنا ) عذابنا ( بياتاً ) ليلاً ( أو هم قائلون ) نائمون بالظهيرة ، والقيلولة استراحة نصف النهار وإن لم يكن معها نوم ، أي مرة جاءها ليلاً ومرة جاءها نهاراً

5. ( فما كان دعواهم ) قولهم ( إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين )

6. ( فلنسألن الذين أرسل إليهم ) أي الأمم عن إجابتهم الرسل وعملهم فيما بلغهم ( ولنسألن المرسلين ) عن الإبلاغ

7. ( فلنقصن عليهم بعلم ) لنخبرنهم عن علم بما فعلوه ( وما كنا غائبين ) عن إبلاغ الرسل والأمم الخالية فيما عملوا

8. ( والوزنُ ) للأعمال أو لصحائفها بميزان له لسان وكفتان9. ( ومن خفت موازينه ) بالسيئات ( فأولئك الذين خسروا أنفسهم ) بتصييرها إلى النار ( بما كانوا بآياتنا يظلمون ) يجحدون

10. ( ولقد مكناكم ) يا بني آدم ( في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش ) بالياء أسبابا تعيشون بها جمع معيشة ( قليلا ما ) لتأكيد القلة ( تشكرون ) على ذلك

11. ( ولقد خلقناكم ) أي أباكم آدم ( ثم صورناكم ) أي صورناه وأنتم في ظهره ( ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم ) سجودَ تحيةٍ بالانحناء ( فسجدوا إلا إبليس ) أبا الجن كان بين الملائكة ( لم يكن من الساجدين )

12. ( قال ) تعالى ( ما منعك أ ) ن ( لا ) زائدة ( تسجد إذ ) حين ( أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين )

13. ( قال فاهبط منها ) أي من الجنة ، وقيل من السماوات ( فما يكون ) ينبغي ( لك أن تتكبر فيها فاخرج ) منها ( إنك من الصاغرين ) الذليلين

14. ( قال أَنظِرني ) أَخِّرني ( إلى يوم يبعثون ) أي الناس

15. ( قال إنك من المنظرين ) وفي آية أخرى { إلى يوم الوقت المعلوم } أي يوم النفخة الأولى

16. ( قال فبما أغويتني ) أي بإغوائك لي ، والباء للقسم وجوابه ( لأقعدن لهم ) أي لبني آدم ( صراطك المستقيم ) أي على الطريق الموصل إليك

17. ( ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ) أي من كل جهة فأمنعهم عن سلوكه ، قال ابن عباس: ولا يستطيع أن يأتي من فوقهم لئلا يحول بين العبد وبين رحمة الله تعالى. ( ولا تجد أكثرهم شاكرين ) مؤمنين

18. ( قال اخرج منها مذؤوما ) بالهمزة معيبا أو ممقوتا ( مدحورا ) مبعدا عن الرحمة ( لمن تبعك منهم ) من الناس واللام للابتداء أو موطئة للقسم وهو ( لأملأن جهنم منكم أجمعين ) أي منك بذريتك ومن الناس وفيه تغليب الحاضر على الغائب وفي الجملة معنى جزاء من الشرطية أي من تبعك أعذبه

19. ( و ) قال ( يا آدم اسكن أنت ) تأكيد للضمير في اسكن ليعطف عليه ( وزوجك ) حواء بالمد ( الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة ) بالأكل منها وهي الحنطة ( فتكونا من الظالمين )

20. ( فوسوس لهما الشيطان ) إبليس ( ليبدي ) يظهر ( لهما ما ووري ) فوعل من المواراة ( عنهما من سوآتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا ) كراهةَ ( أن تكونا مَلَكَين ) وقرئ بكسر اللام ( أو تكونا من الخالدين ) أي وذلك لازم عن الأكل منها كما في آية أخرى { هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى }

21. ( وقاسمهما ) أي أقسم لهما بالله ( إني لكما لمن الناصحين ) في ذلك

22. ( فدلاهما ) حطَّهما عن منزلتهما ( بغرور ) منه ( فلما ذاقا الشجرة ) أي أكلا منها ( بدت لهما سوآتهما ) أي ظهر لكل منهما قبله وقبل الآخر ودبره وسمي كل منها سوأة لأن انكشافه يسوء صاحبه ( وطفقا يخصفان ) أخذا يلزقان ( عليهما من ورق الجنة ) ليستترا به ( وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين ) بين العداوة ، والاستفهام للتقرير

23. ( قالا ربنا ظلمنا أنفسنا ) بمعصيتنا ( وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين )

24. ( قال اهبطوا ) أي آدم وحواء بما اشتملتما عليه من ذريتكما ( بعضكم ) بعض الذرية ( لبعض عدو ) من ظلم بعضهم بعضا ( ولكم في الأرض مستقر ) أي مكان استقرار ( ومتاع ) تمتع ( إلى حين ) تنقضي فيه آجالكم

25. ( قال فيها ) أي الأرض ( تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون ) بالبعث بالبناء للفاعل والمفعول

26. ( يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا ) أي خلقناه لكم ( يواري ) يستر ( سوآتكم وريشا ) وهو ما يتجمل به من الثياب ( ولباس التقوى ) العمل الصالح والسمت الحسن ، بالنصب عطف على لباسا والرفع مبتدأ خبره جملة ( ذلك خير ، ذلك من آيات الله ) دلائل قدرته ( لعلهم يذكرون ) فيؤمنوا فيه التفات عن الخطاب

27. ( يا بني آدم لا يفتنَنَّكم ) يضلنكم ( الشيطان ) أي لا تتبعوه ( كما أخرج أبويكم ) بفتنته ( من الجنة ينزع ) حال ( عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما إنه ) أي الشيطان ( يراكم هو وقبيله ) جنوده ( من حيث لا ترونهم ) للطافة أجسادهم أو عدم ألوانهم ( إنا جعلنا الشياطين أولياء ) أعوانا وقرناء ( للذين لا يؤمنون )

28. ( وإذا فعلوا فاحشة ) كالشرك وطوافهم بالبيت عراة قائلين لا نطوف في ثياب عصينا الله فيها فنهوا عنها ( قالوا وجدنا عليها آباءنا ) فاقتدينا بهم ( والله أمرنا بها ) أيضا ( قل ) لهم ( إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون ) أنه قال ، استفهام إنكار

29. ( قل أمر ربي بالقسط ) بالعدل ( وأقيموا ) معطوف على معنى بالقسط ، أي قال أقسطوا وأقيموا أو قبله فاقبلوا مقدرا ( وجوهكم ) لله ( عند كل مسجد ) أي أخلصوا له سجودكم ( وادعوه ) اعبدوه ( مخلصين له الدين ) من الشرك ( كما بدأكم ) خلقكم ولم تكونوا شيئا ( تعودون ) أي يعيدكم أحياء يوم القيامة

30. ( فريقا ) منكم ( هدى وفريقا حق عليهم الضلالة إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ) أي غيره ( ويحسبون أنهم مهتدون )

31. ( يا بني آدم خذوا زينتكم ) ما يستر عورتكم ( عند كل مسجد ) عند الصلاة والطواف ( وكلوا واشربوا ) ما شئتم ( ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين )

32. ( قل ) إنكارا عليهم ( من حرم زينة الله التي أخرج لعباده ) من اللباس ( والطيبات ) المستلذات ( من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا ) بالاستحقاق وإن شاركهم فيها غيرهم ( خالصة ) خاصة بهم بالرفع والنصب حال ( يوم القيامة كذلك نفصل الآيات ) نبينها مثل ذلك التفصيل ( لقوم يعلمون ) يتدبرون فإنهم المنتفعون بها

33. ( قل إنما حرم ربي الفواحش ) الكبائر كالزنا ( ما ظهر منها وما بطن ) أي جهرها وسرها ( والإثم ) المعصية ( والبغي ) على الناس ( بغير الحق ) وهو الظلم ( وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به ) بإشراكه ( سلطانا ) حجة ( وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ) من تحريم ما لم يحرم وغيره

34. ( ولكل أمة أجل ) مدة ( فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ) عنه ( ساعة ولا يستقدمون ) عليه

35. ( يا بني آدم إمَّا ) فيه إدغام نون إن الشرطية في ما المزيدة ( يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي فمن اتقى ) الشرك ( وأصلح ) عمله ( فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) في الآخرة

36. ( والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا ) تكبروا ( عنها ) فلم يؤمنوا بها ( أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون )

37. ( فمن ) أي لا أحد ( أظلم ممن افترى على الله كذبا ) بنسبة الشريك والولد إليه ( أو كذب بآياته ) القرآن ( أولئك ينالهم ) يصيبهم ( نصيبهم ) حظهم ( من الكتاب ) مما كتب لهم في اللوح المحفوظ من الرزق والأجل وغير ذلك ( حتى إذا جاءتهم رسلنا ) أي الملائكة ( يتوفونهم قالوا ) لهم تبكيتا ( أين ما كنتم تدعون ) تعبدون ( من دون الله قالوا ضلوا ) غابوا ( عنا ) فلم نرهم ( وشهدوا على أنفسهم ) عند الموت ( أنهم كانوا كافرين )

38. ( قال ) لهم تعالى يوم القيامة ( ادخلوا في ) جملة ( أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس في ) متعلق بادخلوا ( النار كلما دخلت ) النار ( أمة لعنت أختها ) التي قبلها لضلالها بها ( حتى إذا ادَّاركوا ) تلاحقوا ( فيها جميعا قالت أخراهم ) وهم الأتباع ( لأولاهم ) أي لأجلائهم وهم المتبوعون ( ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذاباً ضعفاً ) مضعفاً ( من النار قال ) تعالى ( لكل ) منكم ومنهم ( ضعف ) عذاب مضعف ( ولكن لا يعلمون ) 39. ( وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل ) لأنكم تكفرون بسببنا فنحن وأنتم سواء ، قال تعالى لهم ( فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون )

40. ( إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا ) تكبروا ( عنها ) فلم يؤمنوا بها ( لا تفتح لهم أبواب السماء ) إذا عرج بأرواحهم إليها بعد الموت فيهبط بها إلى سجِّين بخلاف المؤمن فتفتح له ويصعد بروحه إلى السماء السابعة كما ورد في حديث ( ولا يدخلون الجنة حتى يلج ) يدخل ( الجمل في سمّ الخياط ) ثقب الإبرة وهو غير ممكن فكذا دخولهم ( وكذلك ) الجزاء ( نجزي المجرمين ) بالكفر

41. ( لهم من جهنم مهاد ) فراش ( ومن فوقهم غواش ) أغطية من النار جمع غاشية وتنوينه عوض من الياء المحذوفة ( وكذلك نجزي الظالمين )

42. ( والذين آمنوا وعملوا الصالحات ) مبتدأ ، وقوله ( لا نكلف نفساً إلا وسعها ) طاقتها من العمل اعتراض بينه وبين خبره وهو ( أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون )

43. ( ونزعنا ما في صدورهم من غل ) حقد كان بينهم في الدنيا ( تجري من تحتهم ) تحت قصورهم ( الأنهار وقالوا ) عند الاستقرار في منازلهم ( الحمد لله الذي هدانا لهذا ) العمل الذي هذا جزاؤه ( وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ) حذف جواب لولا لدلالة ما قبله عليه ( لقد جاءت رسل ربنا بالحق ونودوا أن ) مخففة أي أنه أو مفسرة في المواضع الخمسة ( تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون )

44. ( ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار ) تقريرا أو تبكيتا ( أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا ) من الثواب ( حقا فهل وجدتم ما وعد ) كم ( ربكم ) من العذاب ( حقاً ؟ قالوا نعم فأذن مؤذن ) نادى مناد ( بينهم ) بين الفريقين أسمعهم ( أن لعنة الله على الظالمين )

45. ( الذين يصدون ) الناس ( عن سبيل الله ) دينه ( ويبغونها ) أي يطلبون السبيل ( عوجاً ) معوجاً ( وهم بالآخرة كافرون )

46. ( وبينهما ) أي أصحاب الجنة والنار ( حجاب ) حاجز ، قيل هو سور الأعراف ( وعلى الأعراف ) وهو سور الجنة ( رجال ) استوت حسناتهم وسيئاتهم كما في الحديث ( يعرفون كلا ) من أهل الجنة والنار ( بسيماهم ) بعلامتهم وهي بياض الوجوه للمؤمنين وسوادها للكافرين لرؤيتهم لهم إذ موضعهم عال ( ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم ) قال تعالى ( لم يدخلوها ) أي أصحاب الأعراف الجنة ( وهم يطمعون ) في دخولها ، قال الحسن لم يطمعهم إلا لكرامة يريدها بهم وروى الحاكم عن حذيفة قال : « بينما هم كذلك إذ طلع عليهم ربك فقال قوموا ادخلوا الجنة فقد غفرت لكم »

47. ( وإذا صرفت أبصارهم ) أي أصحاب الأعراف ( تلقاء ) جهة ( أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا ) في النار ( مع القوم الظالمين )

48. ( ونادى أصحاب الأعراف رجالا ) من أصحاب النار ( يعرفونهم بسيماهم قالوا ما أغنى عنكم ) من النار ( جمعكم ) المال أو كثرتكم ( وما كنتم تستكبرون ) أي واستكباركم عن الإيمان ، ويقولون لهم مشيرين إلى ضعفاء المسلمين

49. ( أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ) قد قيل لهم ( ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون ) وقرئ { أُدْخِلوا } بالبناء للمفعول و { دخلوا } فجملة النفي حال أي مقولا لهم ذلك

50. ( ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله ) من الطعام ( قالوا إن الله حرمهما ) منعهما ( على الكافرين )

51. ( الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا وغرتهم الحياة الدنيا فاليوم ننساهم ) نتركهم في النار ( كما نسوا لقاء يومهم هذا ) بتركهم العمل له ( وما كانوا بآياتنا يجحدون ) أي وكما جحدوا

52. ( ولقد جئناهم ) أي أهل مكة ( بكتاب ) قرآن ( فصلناه ) بيناه بالأخبار والوعد والوعيد ( على علم ) حال أي عالمين بما فصل فيه ( هدى ) حال من الهاء ( ورحمة لقوم يؤمنون ) به

53. ( هل ينظرون ) ما ينتظرون ( إلا تأويله ) عاقبة ما فيه ( يوم يأتي تأويله ) هو يوم القيامة ( يقول الذين نسوه من قبل ) تركوا الإيمان به ( قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو ) هل ( نرد ) إلى الدنيا ( فنعمل غير الذي كنا نعمل ) نوحد الله ونترك الشرك فيقال لهم لا ، قال تعالى ( قد خسروا أنفسهم ) إذ صاروا إلى الهلاك ( وضل ) ذهب ( عنهم ما كانوا يفترون ) من دعوى الشريك

54. ( إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ) من أيام الدنيا أي في قدرها لأنه لم يكن ثم شمس ولو شاء خلقهن في لمحة والعدول عنه لتعليم خلقه التثبت ( ثم استوى على العرش ) هو في اللغة سرير الملك ، استواءً يليق به ( يغشي الليل النهار ) مخففاً ومشدداً أي يغطي كلا منهما بالآخر ( يطلبه ) يطلب كل منهما الآخر طلباً ( حثيثاً ) سريعاً ( والشمس والقمر والنجوم ) بالنصب عطفاً على السماوات والرفع مبتدأ خبره ( مسخرات ) مذللات ( بأمره ) بقدرته ( ألا له الخلق ) جميعا ( والأمر ) كله ( تبارك ) تعاظم ( الله رب ) مالك ( العالمين )

55. ( ادعوا ربكم تضرعا ) حال تذللا ( وخفية ) سرا ( إنه لا يحب المعتدين ) في الدعاء بالتشدق ورفع الصوت

56. ( ولا تفسدوا في الأرض ) بالشرك والمعاصي ( بعد إصلاحها ) ببعث الرسل ( وادعوه خوفا ) من عقابه ( وطمعا ) في رحمته ( إن رحمة الله قريب من المحسنين ) المطيعين ، وتذكير قريب المخبر به عن رحمة لإضافتها إلى الله

57. ( وهو الذي يرسل الرياح نُشُراً بين يدي رحمته ) أي متفرقة قدام المطر ، وفي قراءة بسكون الشين تخفيفاً وفي أخرى بسكونها وفتح النون مصدراً وفي أخرى بسكونها وضم الموحدة بدل النون أي مبشراً ومفرد الأولى نَشُور كرسول والأخيرة بشير ( حتى إذا أقلت ) حملت الرياح ( سحابا ثقالا ) بالمطر ( سقناه ) أي السحاب وفيه التفات عن الغيبة ( لبلد ميت ) لا نبات به أي لإحيائها ( فأنزلنا به ) بالبلد ( الماء فأخرجنا به ) بالماء ( من كل الثمرات كذلك ) الإخراج ( نخرج الموتى ) من قبورهم بالإحياء ( لعلكم تذكرون ) فتؤمنوا

58. ( والبلد الطيب ) العذب التراب ( يخرج نباته ) حسناً ( بإذن ربه ) هذا مثل للمؤمن يسمع الموعظة فينتفع بها ( والذي خبث ) ترابه ( لا يخرج ) نباته ( إلا نكداً ) عسراً بمشقةٍ وهذا مثلُ للكافر ( كذلك ) كما بينا ما ذكر ( نصرف ) نبين ( الآيات لقوم يشكرون ) الله فيؤمنون

59. ( لقد ) جواب قسم محذوف ( أرسلنا نوحاً إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ) بالجر صفة لإله ، والرفع بدل من محله ( إني أخاف عليكم ) إن عبدتم غيره ( عذاب يوم عظيم ) هو يوم القيامة

60. ( قال الملأ ) الأشراف ( من قومه إنا لنراك في ضلال مبين ) بين

61. ( قال يا قوم ليس بي ضلالة ) هي أعم من الضلال فنفيها أبلغ من نفيه ( ولكني رسول من رب العالمين )

62. ( أبْلِغُكم ) بالتخفيف والتشديد ( رسالات ربي وأنصح ) أريد الخير ( لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون )

63. ( أ ) كذبتم ( وعجبتم أن جاءكم ذكر ) موعظة ( من ربكم على ) لسان ( رجل منكم لينذركم ) العذاب إن لم تؤمنوا ( ولتتقوا ) الله ( ولعلكم ترحمون ) بها

64. ( فكذبوه فأنجيناه والذين معه ) من الغرق ( في الفلك ) السفينة ( وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا ) بالطوفان ( إنهم كانوا قوما عمين ) عن الحق

65. ( و ) أرسلنا ( إلى عاد ) الأولى ( أخاهم هوداً قال يا قوم اعبدوا الله ) وحدوه ( ما لكم من إله غيره أفلا تتقون ) تخافونه فتؤمنون

66. ( قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة ) جهالة ( وإنا لنظنك من الكاذبين ) في رسالتك

67. ( قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين )

68. ( أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين ) مأمون على الرسالة

69. ( أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على ) لسان ( رجل منكم لينذركم واذكروا إذ جعلكم خلفاء ) في الأرض ( من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بسطةً ) قوةً وطَولاً وكان طويلهم مائة ذراع وقصيرهم ستين ( فاذكروا آلاء الله ) نعمه ( لعلكم تفلحون ) تفوزون

70. ( قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ) نترك ( ما كان يعبد آباؤنا فأتنا بما تعدنا ) به من العذاب ( إن كنت من الصادقين ) في قولك

71. ( قال قد وقع ) وجب ( عليكم من ربكم رجس ) عذاب ( وغضب أتجادلونني في أسماء سميتموها ) أي سميتم بها ( أنتم وآباؤكم ) أصناما تعبدونها ( ما نزل الله بها ) أي بعبادتها ( من سلطان ) حجة وبرهان ( فانتظروا ) العذاب ( إني معكم من المنتظرين ) ذلكم بتكذيبكم لي فأرسلت عليهم الريح العقيم

72. ( فأنجيناه ) أي هوداً ( والذين معه ) من المؤمنين ( برحمة منا وقطعنا دابر ) القوم ( الذين كذبوا بآياتنا ) أي استأصلناهم ( وما كانوا مؤمنين ) عطف على كذبوا

73. ( و ) أرسلنا ( إلى ثمودَ ) بترك الصرف ، مراداً به القبيلة ( أخاهم صالحاً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة ) معجزة ( من ربكم ) على صدقي ( هذه ناقة الله لكم آية ) حال عاملها معنى الإشارة وكانوا سألوه أن يخرجها لهم من صخرة عينوها ( فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء ) بعقر أو ضرب ( فيأخذكم عذاب أليم )

74. ( واذكروا إذ جعلكم خلفاء ) في الأرض ( من بعد عاد وبوأكم ) أسكنكم ( في الأرض تتخذون من سهولها قصوراً ) تسكنونها في الصيف ( وتنحتون الجبال بيوتاً ) تسكنونها في الشتاء ، ونصبه على الحال المقدرة ( فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين )

75. ( قال الملأ الذين استكبروا من قومه ) تكبروا عن الإيمان به ( للذين استضعفوا لمن آمن منهم ) أي من قومه بدل مما قبله بإعادة الجار ( أتعلمون أن صالحاً مرسلٌ من ربه ) إليكم ( قالوا ) نعم ( إنا بما أرسل به مؤمنون )

76. ( قال الذين استكبروا إنا بالذي آمنتم به كافرون )

77. وكانت الناقة لها يوم في الماء ولهم يوم فملُّوا ذلك ( فعقروا الناقة ) عقرها قُدار [ بن سالف ] بأمرهم بأن قتلها بالسيف ( وعتوا عن أمر ربهم وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا ) به من العذاب على قتلها ( إن كنت من المرسلين )

78. ( فأخذتهم الرجفة ) الزلزلة الشديدة من الأرض والصيحة من السماء ( فأصبحوا في دارهم جاثمين ) باركين على الركب ميتين

79. ( فتولى ) أعرض صالح ( عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين )

80. ( و ) اذكر ( لوطاً ) ويبدل منه ( إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ) أي أدبار الرجال ( ما سبقكم بها من أحد من العالمين ) الإنس والجن

81. ( إنكم ) وفي قراءة { أئنكم } بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية وإدخال الألف بينهما على الوجهين ( لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون ) متجاوزون الحلال إلى الحرام

82. ( وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم ) أي لوطاً وأتباعه ( من قريتكم إنهم أناس يتطهرون ) من أدبار الرجال

83. ( فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين ) الباقين في العذاب

84. ( وأمطرنا عليهم مطراً ) هو حجارة السجيل فأهلكتهم ( فانظر كيف كان عاقبة المجرمين )

85. ( و ) أرسلنا ( إلى مدين أخاهم شعيباً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة ) معجزة ( من ربكم ) على صدقي ( فأوفوا ) أتموا ( الكيل والميزان ولا تبخسوا ) تنقصوا ( الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض ) بالكفر والمعاصي ( بعد إصلاحها ) ببعث الرسل ( ذلكم ) المذكور ( خير لكم إن كنتم مؤمنين ) مريدي الإيمان فبادروا إليه

86. ( ولا تقعدوا بكل صراط ) طريق ( توعدون ) تخوفون الناس بأخذ ثيابهم أو المكس منهم ( وتصدون ) تصرفون ( عن سبيل الله ) دينه ( من آمن به ) بتوعدكم إياه بالقتل ( وتبغونها ) تطلبون الطريق ( عوجاً ) معوجة ( واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين ) قبلكم بتكذيب رسلهم أي آخر أمرهم من الهلاك

87. ( وإن كان طائفة منكم آمنوا بالذي أرسلت به وطائفة لم يؤمنوا ) به ( فاصبروا حتى يحكم الله بيننا ) وبينكم بإنجاء المحق وإهلاك المبطل ( وهو خير الحاكمين ) أعدلهم

88. ( قال الملأ الذين استكبروا من قومه ) عن الإيمان ( لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن ) ترجعن ( في ملتنا ) ديننا ، وغلَّبوا في الخطاب الجمع على الواحد لأن شعيباً لم يكن في ملتهم قط وعلى نحوه أجاب ( قال أ ) نعود فيها ( ولو كنا كارهين ) لها استفهام إنكار

89. ( قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها وما يكون ) ينبغي ( لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا ) ذلك فيخذلنا ( وسع ربنا كل شيء علما ) أي وسع علمه كل شيء ومنه حالي وحالكم ( على الله توكلنا ربنا افتح ) احكم ( بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين ) الحاكمين

90. ( وقال الملأ الذين كفروا من قومه ) أي قال بعضهم لبعض ( لئن ) لام قسم ( اتبعتم شعيباً إنكم إذا لخاسرون )

91. ( فأخذتهم الرجفة ) الزلزلة الشديدة ( فأصبحوا في دارهم جاثمين ) باركين على الركب ميتين

92. ( الذين كذبوا شعيبا ) مبتدأ خبره ( كأن ) مخففة واسمها محذوف أي كأنهم ( لم يغنوا ) يقيموا ( فيها ) في ديارهم ( الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين ) التأكيد بإعادة الموصول وغيره للرد عليهم في قولهم السابق

93. ( فتولى ) أعرض ( عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم ) فلم تؤمنوا ( فكيف آسى ) أحزن ( على قوم كافرين ) استفهام بمعنى النفي

94. ( وما أرسلنا في قرية من نبي ) فكذبوه ( إلا أخذنا ) عاقبنا ( أهلها بالبأساء ) شدة الفقر ( والضراء ) المرض ( لعلهم يضَّرَّعون ) يتذللون فيؤمنوا

95. ( ثم بدلنا ) أعطيناهم ( مكان السيئة ) العذاب ( الحسنة ) الغنى والصحة ( حتى عفوا ) كثروا ( وقالوا ) كفراً للنعمة ( قد مس آباءنا الضراء والسراء ) كما مسنا وهذه عادة الدهر وليست بعقوبة من الله فكونوا على ما أنتم عليه قال تعالى ( فأخذناهم ) بالعذاب ( بغتة ) فجأة ( وهم لا يشعرون ) بوقت مجيئه قبله

88. ( قال الملأ الذين استكبروا من قومه ) عن الإيمان ( لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن ) ترجعن ( في ملتنا ) ديننا ، وغلَّبوا في الخطاب الجمع على الواحد لأن شعيباً لم يكن في ملتهم قط وعلى نحوه أجاب ( قال أ ) نعود فيها ( ولو كنا كارهين ) لها استفهام إنكار

89. ( قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها وما يكون ) ينبغي ( لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا ) ذلك فيخذلنا ( وسع ربنا كل شيء علما ) أي وسع علمه كل شيء ومنه حالي وحالكم ( على الله توكلنا ربنا افتح ) احكم ( بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين ) الحاكمين

90. ( وقال الملأ الذين كفروا من قومه ) أي قال بعضهم لبعض ( لئن ) لام قسم ( اتبعتم شعيباً إنكم إذا لخاسرون )

91. ( فأخذتهم الرجفة ) الزلزلة الشديدة ( فأصبحوا في دارهم جاثمين ) باركين على الركب ميتين

92. ( الذين كذبوا شعيبا ) مبتدأ خبره ( كأن ) مخففة واسمها محذوف أي كأنهم ( لم يغنوا ) يقيموا ( فيها ) في ديارهم ( الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين ) التأكيد بإعادة الموصول وغيره للرد عليهم في قولهم السابق

93. ( فتولى ) أعرض ( عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم ) فلم تؤمنوا ( فكيف آسى ) أحزن ( على قوم كافرين ) استفهام بمعنى النفي

94. ( وما أرسلنا في قرية من نبي ) فكذبوه ( إلا أخذنا ) عاقبنا ( أهلها بالبأساء ) شدة الفقر ( والضراء ) المرض ( لعلهم يضَّرَّعون ) يتذللون فيؤمنوا

95. ( ثم بدلنا ) أعطيناهم ( مكان السيئة ) العذاب ( الحسنة ) الغنى والصحة ( حتى عفوا ) كثروا ( وقالوا ) كفراً للنعمة ( قد مس آباءنا الضراء والسراء ) كما مسنا وهذه عادة الدهر وليست بعقوبة من الله فكونوا على ما أنتم عليه قال تعالى ( فأخذناهم ) بالعذاب ( بغتة ) فجأة ( وهم لا يشعرون ) بوقت مجيئه قبله

105. ( حقيق ) جدير ( على أن ) أي بأن ( لا أقول على الله إلا الحق ) وفي قراءة بتشديد الياء فحقيق مبتدأ خبره أن وما بعدها ( قد جئتكم ببينة من ربكم فأرسل معي ) إلى الشام ( بني إسرائيل ) وكان استعبدهم

106. ( قال ) فرعون له ( إن كنت جئت بآية ) على دعواك ( فأت بها إن كنت من الصادقين ) فيها

107. ( فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ) حية عظيمة

108. ( ونزع يده ) أخرجها من جيبه ( فإذا هي بيضاء ) ذات شعاع ( للناظرين ) خلاف ما كانت عليه من الأدمة

109. ( قال الملأ من قوم فرعون إن هذا لساحر عليم ) فائق في علم السحر وفي الشعراء أنه من قول فرعون نفسه فكأنهم قالوه معه على سبيل التشاور

110. ( يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون )

111. ( قالوا أرجه وأخاه ) أخِّر أمرهما ( وأرسل في المدائن حاشرين ) جامعين

112. ( يأتوك بكل ساحر ) وفي قراءة { سحار } ( عليم ) يفضل موسى في علم السحر فجمعوا

113. ( وجاء السحرة فرعون قالوا أئنَّ ) بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية وإدخال ألف بينهما على الوجهين ( لنا لأجراً إن كنا نحن الغالبين )

114. ( قال نعم وإنكم لمن المقربين )

115. ( قالوا يا موسى إما أن تلقي ) عصاك ( وإما أن نكون نحن الملقين ) ما معنا

116. ( قال ألقوا ) أمر للإذن بتقديم إلقائهم توصلاً به إلى إظهار الحق ( فلما ألقوا ) حبالهم وعصيهم ( سحروا أعين الناس ) صرفوها عن حقيقة إدراكها ( واسترهبوهم ) خوفوهم حيث خيلوها حيات تسعى ( وجاؤوا بسحر عظيم )

117. ( وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ) بحذف إحدى التاءين في الأصل تبتلع ( ما يأفكون ) يقلبون بتمويههم

118. ( فوقع الحق ) ثبت وظهر ( وبطل ما كانوا يعملون ) من السحر

119. ( فغلبوا ) أي فرعون وقومه ( هنالك وانقلبوا صاغرين ) صاروا ذليلين

120. ( وألقي السحرة ساجدين )

121. ( قالوا آمنا برب العالمين )

122. ( رب موسى وهارون ) لعلمهم بأن ما شاهدوه من العصا لا يتأتى بالسحر

123. ( قال فرعون أآمنتم ) بتحقيق الهمزتين وإبدال الثانية ألفا ( به ) بموسى ( قبل أن آذن ) أنا ( لكم إن هذا ) الذي صنعتموه ( لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون ) ما ينالكم مني

124. ( لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلافٍ ) أي يد كل واحد اليمنى ورجله اليسرى ( ثم لأصلبنكم أجمعين )

125. ( قالوا إنا إلى ربنا ) بعد موتنا بأي وجه كان ( منقلبون ) راجعون في الآخرة

126. ( وما تنقم ) تنكر ( منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا ربنا أفرغ علينا صبراً ) عند فعل ما توعدنا به لئلا نرجع كفاراً ( وتوفنا مسلمين )

127. ( وقال الملأ من قوم فرعون ) له ( أتذر ) تترك ( موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ) بالدعاء إلى مخالفتك ( ويذرك وآلهتك ) وكان صنع لهم أصناماً صغاراً يعبدونها وقال أنا ربكم وربها ولذا قال أنا ربكم الأعلى ( قال سنقتِّل ) بالتشديد ( أبناءهم ) المولودين ( ونستحيي ) نستبقي ( نساءهم ) كفعلنا بهم من قبل ( وإنا فوقهم قاهرون ) قادرون ، ففعلوا بهم ذلك فشكا بنو إسرائيل

128. ( قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا ) على أذاهم ( إن الأرض لله يورثها ) يعطيها ( من يشاء من عباده والعاقبة ) المحمودة ( للمتقين ) الله

129. ( قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون ) فيها

130. ( ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ) بالقحط ( ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون ) يتعظون فيؤمنون

131. ( فإذا جاءتهم الحسنة ) الخصب والغنى ( قالوا لنا هذه ) أي نستحقها ولم يشكروا عليها ( وإن تصبهم سيئة ) جدب وبلاء ( يطيروا ) يتشاءموا ( بموسى ومن معه ) من المؤمنين ( ألا إنما طائرهم ) شؤمهم ( عند الله ) يأتيهم به ( ولكن أكثرهم لا يعلمون ) أن ما يصيبهم من عنده

132. ( وقالوا ) لموسى ( مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين ) فدعا عليهم

133. ( فأرسلنا عليهم الطوفان ) وهو ماء دخل بيوتهم ووصل إلى حلوق الجالسين سبعة أيام ( والجراد ) فأكل زرعهم وثمارهم كذلك ( والقمل ) السوس أو نوع من القراد ، فتتبع ما تركه الجراد ( والضفادع ) فملأت بيوتهم وطعامهم ( والدم ) في مياههم ( آيات مفصلات ) مبينات ( فاستكبروا ) عن الإيمان بها ( وكانوا قوماً مجرمين )

134. ( ولما وقع عليهم الرجز ) العذاب ( قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك ) من كشف العذاب عنا إن آمنا ( لئن ) لام قسم ( كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل )

135. ( فلما كشفنا ) بدعاء موسى ( عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون ) ينقضون عهدهم ويصرون على كفرهم

136. ( فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم ) البحر المالح ( بأنهم ) بسبب أنهم ( كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين ) لا يتدبرونها

137. ( وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون ) بالاستعباد وهم بنو إسرائيل ( مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها ) بالماء والشجر صفة للأرض وهي الشام ( وتمت كلمة ربك الحسنى ) وهي قوله { ويريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض } ( على بني إسرائيل بما صبروا ) على أذى عدوهم ( ودمرنا ) أهلكنا ( ما كان يصنع فرعون وقومه ) من العمارة ( وما كانوا يعرِشون ) بكسر الراء وضمها يرفعون من البنيان

138. ( وجاوزنا ) عبرنا ( ببني إسرائيل البحر فأتوا ) فمروا ( على قوم يعكفون ) بضم الكاف وكسرها ( على أصنام لهم ) يقيمون على عبادتها ( قالوا يا موسى اجعل لنا إلها ) صنما نعبده ( كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون ) حيث قابلتم نعمة الله عليكم بما قلتموه

139. ( إن هؤلاء متبر ) هالك ( ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون )

140. ( قال أغير الله أبغيكم إلها ) معبوداً وأصله أبغي لكم ( وهو فضلكم على العالمين ) في زمانكم بما ذكره في قوله

141. ( و ) اذكروا ( إذ أنجيناكم ) وفي قراءة { أنجاكم } ( من آل فرعون يسومونكم ) يكلفونكم ويذيقونكم ( سوء العذاب ) أشده وهو ( يقتلون أبناءكم ويستحيون ) يستبقون ( نساءكم وفي ذلكم ) الإنجاء والعذاب ( بلاء ) إنعام أو ابتلاء ( من ربكم عظيم ) أفلا تتعظون فتنتهوا عما قلتم

142. ( وواعدنا ) بألف ودونها ( موسى ثلاثين ليلةً ) نكلمه عند انتهائها بأن يصومها وهي ذو القعدة فصامها فلما تمت أنكر خلوف فمه فاستاك فأمره الله بعشرة أخرى ليكلمه بخلوف فمه كما قال تعالى ( وأتممناها بعشر ) من ذي الحجة ( فتم ميقات ربه ) وقت وعده بكلامه إياه ( أربعين ) حال ( ليلة ) تمييز ( وقال موسى لأخيه هارون ) عند ذهابه إلى الجبل للمناجاة ( اخلفني ) كن خليفتي ( في قومي وأصلح ) أمرهم ( ولا تتبع سبيل المفسدين ) بموافقتهم على المعاصي

143. ( ولما جاء موسى لميقاتنا ) أي للوقت الذي وعدناه بالكلام فيه ( وكلمه ربه ) بلا واسطة كلاماً سمعه من كل جهة ( قال رب أرني ) نفسك ( أنظر إليك قال لن تراني ) أي لا تقدر على رؤيتي ، والتعبير به دون لن أُرى يفيد إمكان رؤيته تعالى ( ولكن انظر إلى الجبل ) الذي هو أقوى منك ( فإن استقر ) ثبت ( مكانه فسوف تراني ) أي تثبت لرؤيتي وإلا فلا طاقة لك ( فلما تجلى ربه ) أي ظهر من نوره قدر نصف أنملة الخنصر كما في حديث صححه الحاكم ( للجبل جعله دكا ) بالقصر والمد أي مدكوكاً مستوياً بالأرض ( وخر موسى صعقاً ) مغشياً عليه لهول ما رأى ( فلما أفاق قال سبحانك ) تنزيهاً لك ( تبت إليك ) من سؤال ما لم أؤمر به ( وأنا أول المؤمنين ) في زماني

144. ( قال ) تعالى له ( يا موسى إني اصطفيتك ) اخترتك ( على الناس ) أهل زمانك ( برسالاتي ) بالجمع والإفراد ( وبكلامي ) أي تكليمي إياك ( فخذ ما آتيتك ) من الفضل ( وكن من الشاكرين ) لأنعمي

145. ( وكتبنا له في الألواح ) أي ألواح التوراة وكانت من سدر الجنة أو زبرجد أو زمرد سبعة أو عشرة ( من كل شيء ) يحتاج إليه في الدين ( موعظة وتفصيلاً ) تبييناً ( لكل شيء ) بدل من الجار والمجرور قبله ( فخذها ) قبله قلنا مقدراً ( بقوة ) بجد واجتهاد ( وأمر قومك يأخذوا بأحسنها سأريكم دار الفاسقين ) فرعون وأتباعه وهي مصر لتعتبروا بهم

146. ( سأصرف عن آياتي ) دلائل قدرتي من المصنوعات وغيرها ( الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق ) بأن أخذلهم فلا يتكبرون فيها ( وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل ) طريق ( الرشد ) الهدى الذي جاء من عند الله ( لا يتخذوه سبيلا ) يسلكوه ( وإن يروا سبيل الغي ) الضلال ( يتخذوه سبيلا ذلك ) الصرف ( بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين ) تقدم مثله

147. ( والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة ) البعث وغيره ( حبطت ) بطلت ( أعمالهم ) ما عملوه في الدنيا من خير كصلة رحم وصدقة فلا ثواب لهم لعدم شرطه ( هل ) ما ( يجزون إلا ) جزاء ( ما كانوا يعملون ) من التكذيب والمعاصي

148. ( واتخذ قوم موسى من بعده ) أي بعد ذهابه إلى المناجاة ( من حُلِيِّهم ) الذي استعاروه من قوم فرعون بعلَّة عرس فبقي عندهم ( عجلاً ) صاغه لهم منه السامري ( جسداً ) بدل من لحما ودما ( له خوار ) أي صوت يسمع انقلب كذلك بوضع التراب الذي أخذه من حافر جبريل في فمه فإن أثره الحياة فيما يوضع فيه ، ومفعول اتخذ الثاني محذوف أي إلها ( ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا ) فكيف يتخذ إلها ( اتخذوه ) إلها ( وكانوا ظالمين ) باتخاذه

149. ( ولما سقط في أيديهم ) أي ندموا على عبادته ( ورأوا ) علموا ( أنهم قد ضلوا ) بها وذلك بعد رجوع موسى ( قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا ) بالياء والتاء فيهما ( لنكونن من الخاسرين )

150. ( ولما رجع موسى إلى قومه غضبان ) من جهتهم ( أسفاً ) شديد الحزن ( قال ) لهم ( بئسما ) أي بئس خلافة ( خلفتمونيـ ) ـها ( من بعدي ) خلافتكم هذه حيث أشركتم ( أعجلتم أمر ربكم وألقى الألواح ) ألواح التوراة غضباً لربه فتكسرت ( وأخذ برأس أخيه ) أي بشعره بيمنيه ولحيته بشماله ( يجره إليه ) غضباً ( قال ) يا ( ابن أمِّ ) بكسر الميم وفتحها ، أراد أمي وذكرها أعطف لقلبه ( إن القوم استضعفوني وكادوا ) قاربوا ( يقتلونني فلا تشمت ) تفرح ( بي الأعداء ) بإهانتك إياي ( ولا تجعلني مع القوم الظالمين ) بعبادة العجل في المؤاخذة

151. ( قال رب اغفر لي ) ما صنعت بأخي ( ولأخي ) أشركه الدعاء إرضاء له ودفعا للشماتة به ( وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين )

152. قال تعالى ( إن الذين اتخذوا العجل ) إلها ( سينالهم غضب ) عذاب ( من ربهم وذلة في الحياة الدنيا ) فعذبوا بالأمر بقتل أنفسهم وضربت عليهم الذلة إلى يوم القيامة ( وكذلك ) كما جزيناهم ( نجزي المفترين ) على الله بالإشراك وغيره

153. ( والذين عملوا السيئات ثم تابوا ) رجعوا عنها ( من بعدها وآمنوا ) بالله ( إن ربك من بعدها ) أي التوبة ( لغفور ) لهم ( رحيم ) بهم

154. ( ولما سكت ) سكن ( عن موسى الغضب أخذ الألواح ) التي ألقاها ( وفي نسختها ) أي ما نسخ فيها أي كتب ( هدى ) من الضلالة ( ورحمة للذين هم لربهم يرهبون ) يخافون وأدخل اللام على المفعول لتقدمه

155. ( واختار موسى قومه سبعين ) أي من قومه ( رجلاً لميقاتنا ) ممن لم يعبدوا العجل بأمره تعالى ( فلما ) أي للوقت الذي وعدناه يإتيانهم فيه ليعتذروا من عبادة العجل فخرج بهم ( أخذتهم الرجفة قال ) الزلزلة الشديدة ، قال ابن عباس : لأنهم لم يزايلوا قومهم حين عبدوا العجل ، قال : وهم غير الذين سألوا الرؤية وأخذتهم الصاعقة ( رب ) موسى ( لو شئت أهلكتهم من قبل ) أي قبل خروجي بهم ليعلن بنو إسرائيل ذلك ولا يتهموني ( وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا ) استفهام استعطاف أي لا تعذبنا بذنب غيرنا ( إن ) ما ( هي ) أي الفتنة التي وقع فيها السفهاء ( إلا فتنتك ) ابتلاؤك ( تضل بها من تشاء ) إضلاله ( وتهدي من تشاء ) هدايته ( أنت ولينا ) متولي أمورنا ( فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين )

156. ( واكتب ) أوجب ( لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة ) حسنة ( إنا هدنا ) تبنا ( إليك قال ) تعالى ( عذابي أصيب به من أشاء ) تعذيبه ( ورحمتي وسعت ) عمَّت ( كل شيء ) في الدنيا ( فسأكتبها ) في الآخرة ( للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون )

157. ( الذين يتبعون الرسول النبي الأمي ) محمد صلى الله عليه وسلم ( الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل ) باسمه وصفته ( يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ) مما حرم في شرعهم ( ويحرم عليهم الخبائث ) الميتة ونحوها ( ويضع عنهم إصرهم ) ثقلهم ( والأغلال ) الشدائد ( التي كانت عليهم ) كقتل النفس في التوبة وقطع أثر النجاسة ( فالذين آمنوا به ) منهم ( وعزَّروه ) ووقروه ( ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه ) أي القرآن ( أولئك هم المفلحون )

158. ( قل ) خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ( يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته ) القرآن ( واتبعوه لعلكم تهتدون ) ترشدون

159. ( ومن قوم موسى أمة ) جماعة ( يهدون ) الناس ( بالحق وبه يعدِلون ) في الحكم

160. ( وقطَّعناهم ) فرقنا بني إسرائيل ( اثنتي عشرة ) حال ( أسباطا ) بدل منه ، أي قبائل ( أمما ) بدل من قبله ( وأوحينا إلى موسى إذ استسقاه قومه ) في التيه ( أن اضرب بعصاك الحجر ) فضربه ( فانبجست ) انفجرت ( منه اثنتا عشرة عيناً ) بعدد الأسباط ( قد علم كل أناس ) سبط منهم ( مشربهم وظللنا عليهم الغمام ) في التيه من حر الشمس ( وأنزلنا عليهم المن والسلوى ) هما الترنجبين والطير السُّماني بتخفيف الميم والقصر وقلنا لهم ( كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون )

161. ( و ) اذكر ( إذ قيل لهم اسكنوا هذه القرية ) بيت المقدس ( وكلوا منها حيث شئتم وقولوا ) أمرنا ( حطة وادخلوا الباب ) أي باب القرية ( سجداً ) سجود انحناء ( نغفر ) بالنون والتاء مبنيا للمفعول ( لكم خطيئاتكم سنزيد المحسنين ) بالطاعة ثواباً

162. ( فبدل الذين ظلموا منهم قولاً غير الذي قيل لهم ) فقالوا حبة في شعرة ودخلوا يزحفون على أستاههم ( فأرسلنا عليهم رجزاً ) عذاباً ( من السماء بما كانوا يظلمون )

163. ( واسألهم ) يا محمد توبيخاً ( عن القرية التي كانت حاضرة البحر ) مجاورة بحر القلزم وهي أيلة ما وقع بأهلها ( إذ يعدون ) يعتدون ( في السبت ) بصيد السمك المأمورين بتركه فيه ( إذ ) ظرف ليعدوه ( تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعاً ) ظاهرة على الماء ( ويوم لا يسبتون ) لا يعظمون السبت أي سائر الأيام ( لا تأتيهم ) ابتلاء من الله ( كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون ) ولما صادوا السمك افترقت القرية أثلاثاً ثلثٌ صادوا معهم وثلثٌ نهوهم وثلثٌ أمسكوا عن الصيد والنهي

164. ( وإذ ) عطف على إذ قبله ( قالت أمة منهم ) لم تصد ولم تنه لمن نهى ( لم تعظون قوماً الله مهلكهم أو معذبهم عذاباً شديداً قالوا ) موعظتنا ( معذرةً ) نعتذر بها ( إلى ربكم ) لئلا ننسب إلى تقصير في ترك النهي ( ولعلهم يتقون ) الصيد

165. ( فلما نسوا ) تركوا ( ما ذكروا ) وعظوا ( به ) فلم يرجعوا ( أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا ) بالاعتداء ( بعذاب بئيس ) شديد ( بما كانوا يفسقون )

166. ( فلما عتوا ) تكبروا ( عن ) ترك ( ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة ) صاغرين فكانوها ، وهذا تفصيل لما قبله ، قال ابن عباس : ما أدري ما فعل بالفرقة الساكتة ، وقال عكرمة : لم تهلك لأنها كرهت ما فعلوه وقالت لم تعظون الخ ، وروى الحاكم عن ابن عباس : أنه رجع إليه وأعجبه

167. ( وإذ تأذن ) أعلم ( ربك ليبعثن عليهم ) أي اليهود ( إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب ) بالذل وأخذ الجزية فبعث عليها سليمان وبعده بختنصر فقتلهم وسباهم وضرب عليهم الجزية فكانوا يؤدونها إلى المجوس إلى بعث نبينا صلى الله عليه وسلم فضربها عليهم ( إن ربك لسريع العقاب ) لمن عصاه ( وإنه لغفور ) لأهل طاعته ( رحيم ) بهم

168. ( وقطعناهم ) فرقناهم ( في الأرض أمما ) فرقا ( منهم الصالحون ومنهم ) ناس ( دون ذلك ) الكفار والفاسقون ( وبلوناهم بالحسنات ) بالنعم ( والسيئات ) النقم ( لعلهم يرجعون ) عن فسقهم

169. ( فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب ) التوراة عن آبائهم ( يأخذون عرض هذا الأدنى ) أي حطام هذا الشيء الدنيء من حلال وحرام ( ويقولون سيغفر لنا ) ما فعلناه ( وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه ) الجملة حال أي يرجون المغفرة وهم عائدون إلى مافعلوه مصرون عليه وليس في التوراة وعد المغفرة مع الإصرار ( ألم يؤخذ ) استفهام تقرير ( عليهم ميثاق الكتاب ) الإضافة بمعنى في ( أن لا يقولوا على الله إلا الحق ودرسوا ) عطف على يؤخذ ، قرؤوا ( ما فيه ) فلم كذبوا عليه ينسبة المغفرة إليه مع الإصرار ( والدار الآخرة خير للذين يتقون ) الحرام ( أفلا يعقلون ) بالياء والتاء ، أنها خير فيؤثرونها على الدنيا

170. ( والذين يمسِّكون ) بالتشديد والتخفيف ( بالكتاب ) منهم ( وأقاموا الصلاة ) كعبد الله بن سلام وأصحابه ( إنا لا نضيع أجر المصلحين ) الجملة خبر الذين ، وفيه وضع الظاهر موضع المضمر أي أجرهم

171. ( و ) اذكر ( إذ نتقنا الجبل ) رفعناه من أصله ( فوقهم كأنه ظلة وظنوا ) أيقنوا ( أنه واقع بهم ) ساقط عليهم بوعد الله إياهم بوقوعه إن لم يقبلوا أحكام التوراة وكانوا أبوها لثقلها فقبلوا وقلنا لهم ( خذوا ما آتيناكم بقوة ) بجد واجتهاد ( واذكروا ما فيه ) بالعمل به ( لعلكم تتقون )

172. ( و ) اذكر ( إذ ) حين ( أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ) بدل اشتمال مما قبله بإعادة الجار ( ذريتهم ) بأن أخرج بعضهم من صلب بعض من صلب آدم نسلاً بعد نسلٍ كنحو ما يتوالدون كالذرِّ بنعمان يوم عرفة ونصب لهم دلائل على ربوبيته وركب فيهم عقلا ( وأشهدهم على أنفسهم ) قال ( ألست بربكم قالوا بلى ) أنت ربنا ( شهدنا ) بذلك والإشهاد لـ ( أن ) لا ( يقولوا ) بالياء والتاء في الموضعين ، أي الكفار ( يوم القيامة إنا كنا عن هذا ) التوحيد ( غافلين ) لا نعرفه

173. ( أو يقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل ) أي قبلنا ( وكنا ذرية من بعدهم ) فاقتدينا بهم ( أفتهلكنا ) تعذبنا ( بما فعل المبطلون ) من آبائنا بتأسيس الشرك ، المعنى لا يمكنهم الاحتجاج بذلك مع إشهادهم على أنفسهم بالتوحيد والتذكير به على لسان صاحب المعجزة قائم مقام ذكره في النفوس

174. ( وكذلك نفصل الآيات ) نبينها مثل ما بينا الميثاق ليتدبروها ( ولعلهم يرجعون ) عن كفرهم

175. ( واتل ) يا محمد ( عليهم ) أي اليهود ( نبأ ) خبر ( الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها ) خرج بكفره كما تخرج الحية من جلدها وهو بلعم بن باعوراء من علماء بني إسرائيل ، سئل أن يدعو على موسى وأهدي إليه شيء فدعا فانقلب عليه واندلع لسانه على صدره ( فأتبعه الشيطان ) فأدركه فصار قرينه ( فكان من الغاوين )

176. ( ولو شئنا لرفعناه ) إلى منازل العلماء ( بها ) بأن نوفقه للعمل ( ولكنه أخلد ) سكن ( إلى الأرض ) أي الدنيا ومال إليها ( واتبع هواه ) في دعائه إليها فوضعناه ( فمثله ) صفته ( كمثل الكلب إن تحمل عليه ) بالطرد والزجر ( يلهث ) يدلع لسانه ( أو ) إن ( تتركه يلهث ) وليس غيره من الحيوان كذلك ، وجملتا الشرط حال ، أي لاهثاً ذليلاً بكل حال ، والقصد التشبيه في الوضع والخسة بقرينة الفاء المشعرة بترتيب ما بعدها على ما قبلها من الميل إلى الدنيا واتباع الهوى وبقرينة قوله ( ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص ) على اليهود ( لعلهم يتفكرون ) يتدبرون فيها فيؤمنون

177. ( ساء ) بئس ( مثلاً القوم ) أي مثل القوم ( الذين كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون ) بالتكذيب

178. ( من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون )

179. ( ولقد ذرأنا ) خلقنا ( لجهنم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ) الحق ( ولهم أعين لا يبصرون بها ) دلائل قدرة الله بصر اعتبار ( ولهم آذان لا يسمعون بها ) الآيات والمواعظ سماع تدبر واتعاظ ( أولئك كالأنعام ) في عدم الفقه والبصر والاستماع ( بل هم أضل ) من الأنعام لأنها تطلب منافعها وتهرب من مضارها وهؤلاء يقدمون على النار معاندة ( أولئك هم الغافلون )

180. ( ولله الأسماء الحسنى ) التسعة والتسعون الوارد بها الحديث ، والحسنى مؤنث الأحسن ( فادعوه ) سموه ( بها وذروا ) اتركوا ( الذين يلحدون ) من ألحد ولحد ، يميلون عن الحق ( في أسمائه ) حيث اشتقوا منها أسماء لآلهتهم كاللات من الله والعزى من العزيز ومناة من المنان ( سيجزون ) من الآخرة جزاء ( ما كانوا يعملون ) وهذا قبل الأمر بالقتال

181. ( وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ) هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم كما في حديث

182. ( والذين كذبوا بآياتنا ) القرآن من أهل مكة ( سنستدرجهم ) نأخذهم قليلاً قليلاً ( من حيث لا يعلمون )

183. ( وأملي لهم ) أمهلهم ( إن كيدي متين ) شديد لا يطاق

184. ( أولم يتفكروا ) فيعلموا ( ما بصاحبهم ) محمد صلى الله عليه وسلم ( من جنة ) جنون ( إن ) ما ( هو إلا نذير مبين ) بيِّن الإنذار

185. ( أولم ينظروا في ملكوت السماوات ) ملك ( والأرض و ) في ( ما خلق الله من شيء ) بيان لما ، فيستدلوا به على قدرة صانعه ووحدانيته ( و ) في ( أن ) أي أنه ( عسى أن يكون قد اقترب ) قرب ( أجلهم ) فيموتوا كفارا فيصيروا إلى النار فيبادروا إلى الإيمان ( فبأي حديث بعده ) أي القرآن ( يؤمنون )

186. ( من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم ) بالياء والنون مع الرفع استئنافا والجزم عطفا على محل بعد الفاء ( في طغيانهم يعمهون ) يترددون تحيراً

187. ( يسألونك ) أي أهل مكة ( عن الساعة ) القيامة ( أيان ) متى ( مرساها قل ) لهم ( إنما علمها ) متى تكون ( عند ربي لا يجليها ) يظهرها ( لوقتها ) اللام بمعنى في ( إلا هو ثقلت ) عظمت ( في السماوات والأرض ) على أهلها لهولها ( لا تأتيكم إلا بغتة ) فجأة ( يسألونك كأنك حفي ) مبالغ في السؤال ( عنها ) حتى علمتها ( قل إنما علمها عند الله ) تأكيد ( ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) أن علمها عنده تعالى

188. ( قل لا أملك لنفسي نفعاً ) أجلبه ( ولا ضراً ) أدفعه ( إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب ) ما غاب عني ( لاستكثرت من الخير وما مسني السوء ) من فقر وغيره لاحترازي عنه باجتناب المضار ( إن ) ما ( أنا إلا نذير ) بالنار للكافرين ( وبشير ) بالجنة ( لقوم يؤمنون )

189. ( هو ) أي الله ( الذي خلقكم من نفس واحدة ) أي آدم ( وجعل ) خلق ( منها زوجها ) حواء ( ليسكن إليها ) ويألفها ( فلما تغشاها ) جامعها ( حملت حملاً خفيفاً ) هو النطفة ( فمرت به ) ذهبت وجاءت لخفته ( فلما أثقلت ) بكبر الولد في بطنها وأشفقا أن يكون بهيمة ( دعوا الله ربهما لئن آتيتنا ) ولداً ( صالحاً ) سوياً ( لنكونن من الشاكرين ) لك عليه

190. ( فلما آتاهما ) ولداً ( صالحاً جعلا له شركاء ) وفي قراءة بكسر الشين والتنوين أي شريكا ( فيما آتاهما ) بتسميته عبد الحارث ولا ينبغي أن يكون عبداً إلا لله ، وليس بإشراك في العبودية لعصمة آدم وروى سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لما ولدت حواء طاف بها إبليس وكان لا يعيش لها ولد فقال سميه عبد الحارث فإنه يعيش فسمته فكان ذلك من وحي الشيطان وأمره » رواه الحاكم وقال صحيح والترمذي وقال حسن غريب ( فتعالى الله عما يشركون ) أي أهل مكة به من الأصنام والجملة مسببة عطف على خلقكم وما بينهما اعتراض

191. ( أيشركون ) به في العبادة ( ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون )

192. ( ولا يستطيعون لهم ) أي لعابديهم ( نصراً ولا أنفسهم ينصرون ) بمنعها ممن أراد بهم سوءاً من كسر أو غيره والاستفهام للتوبيخ

193. ( وإن تدعوهم ) أي الأصنام ( إلى الهدى لا يتبعوكم ) بالتخفيف والتشديد ( سواء عليكم أدعوتموهم ) إليه ( أم أنتم صامتون ) عن دعائهم لا يتبعوه لعدم سماعهم

194. ( إن الذين تدعون ) تعبدون ( من دون الله عباد ) مملوكة ( أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم ) دعاءكم ( إن كنتم صادقين ) في أنها آلهة

195. ثم بين غاية عجزهم وفضل عابديهم عليهم فقال ( ألهم أرجل يمشون بها أم ) بل أ ( لهم أيد ) جمع يد ( يبطشون بها أم ) بل أ ( لهم أعين يبصرون بها أم ) بل أ ( لهم آذان يسمعون بها ) استفهام إنكاري ، أي ليس لهم شيء من ذلك مما هو لكم فكيف تعبدونهم وأنتم أتم حالاً منهم ( قل ) لهم يا محمد ( ادعوا شركاءكم ) إلى هلاكي ( ثم كيدون فلا تنظرون ) تمهلون فإني لا أبالي بكم

196. ( إن وليي الله ) متولي أموري ( الذي نزل الكتاب ) القرآن ( وهو يتولى الصالحين ) بحفظه

197. ( والذين تدعون من دونه لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون ) فكيف أبالي بهم

198. ( وإن تدعوهم ) أي الأصنام ( إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ) أي الأصنام يا محمد ( ينظرون إليك ) أي يقابلونك كالناظر ( وهم لا يبصرون )

199. ( خذ العفو ) اليسر من أخلاق الناس ولا تبحث عنها ( وأمر بالعرف ) بالمعروف ( وأعرض عن الجاهلين ) فلا تقابلهم بسفههم

200. ( وإما ) فيه إدغام نون إن الشرطية في ما المزيدة ( ينزغنك من الشيطان نزغ ) أي إن يصرفك عما أمرت به صارف ( فاستعذ بالله ) جواب الشرط وجواب الأمر محذوف أي يدفعه عنك ( إنه سميع ) للقول ( عليم ) بالفعل

201. ( إن الذين اتقوا إذا مسهم ) أصابهم ( طيف ) وفي قراءة { طائف } أي شيء ألم بهم ( من الشيطان تذكروا ) عقاب الله وثوابه ( فإذا هم مبصرون ) الحق من غيره فيرجعون

202. ( وإخوانهم ) أي أخوان الشياطين من الكفار ( يمدونهم ) أي الشياطين ( في الغي ثم ) هم ( لا يقصرون ) يكفون عنه بالتبصر كما تبصر المتقون

203. ( وإذا لم تأتهم ) أي أهل مكة ( بآية ) مما اقترحوا ( قالوا لولا ) هلا ( اجتبيتها ) أنشأتها من قبل نفسك ( قل ) لهم ( إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي ) وليس لي أن آتي من عند نفسي بشيء ( هذا ) القرآن ( بصائر ) حجج ( من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون )

204. ( وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا ) عن الكلام ( لعلكم ترحمون ) نزلت في ترك الكلام في الخطبة وعبر عنها بالقرآن لاشتمالها عليه وقيل في قراءة القرآن مطلقاً

205. ( واذكر ربك في نفسك ) أي سراً ( تضرعاً ) تذللاً ( وخيفةً ) خوفاً منه ( و ) فوق السر ( دون الجهر من القول ) أي قصداً بينهما ( بالغدو والآصال ) أوائل النهار وأواخره ( ولا تكن من الغافلين ) عن ذكر الله

206. ( إن الذين عند ربك ) أي الملائكة ( لا يستكبرون ) يتكبرون ( عن عبادته ويسبحونه ) ينزهونه عما لا يليق به ( وله يسجدون ) أي يخصونه بالخضوع والعبادة فكونوا مثلهم

 

أعلى