فهرس تفسير الجلالين للسور

24 - تفسير الجلالين سورة النور

التالي السابق

24. سورة النور

1. هذه ( سورة أنزلناها وفرضناها ) مخففة ومشددة لكثرة المفروض فيها ( وأنزلنا فيها آيات بينات ) واضحات الدلالات ( لعلكم تذكرون ) بإدغام التاء الثانية في الذال تتعظون

2. ( الزانية والزاني ) غير المحصنين لرجمها بالسنة وأل فيما ذكر موصولة وهو مبتدأ ولشبهه بالشرط دخلت الفاء في خبره وهو ( فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة ) ضربة يقال جلده ضرب جلده ويزاد على ذلك بالسنة تغريب عام والرقيق على النصف مما ذكر ( ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله ) حكمه بأن تتركوا شيئا من حدهما ( إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ) يوم البعث في هذا تحريض على ما قبل الشرط وهو جوابه أو دال على جوابه ( وليشهد عذابهما ) الجلد ( طائفة من المؤمنين ) قيل ثلاثة وقيل أربعة عدد شهود الزنا

3. ( الزاني لا ينكح ) يتزوج ( إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك ) أي المناسب لكل منهما ما ذكر ( وحرم ذلك ) أي نكاح الزواني ( على المؤمنين ) الأخيار نزل ذلك لما هم فقراء المهاجرين أن يتزوجوا بغايا المشركين وهن موسرات لينفقن عليهم فقيل التحريم خاص بهم وقيل عام ونسخ بقوله تعالى وأنكحوا الأيامى منكم

4. ( والذين يرمون المحصنات ) العفيفات بالزنا ( ثم لم يأتوا بأربعة شهداء ) على زناهن برؤيتهم ( فاجلدوهم ) كل واحد منهم ( ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة ) في شيء ( أبدا وأولئك هم الفاسقون ) لإتيانهم كبيرة

5. ( إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا ) عملهم ( فإن الله غفور ) لهم قذفهم ( رحيم ) بهم بإلهامهم التوبة فبها ينتهي فسقهم وتقبل شهادتهم وقيل لا تقبل رجوعا بالاستثناء إلى الجملة الأخيرة

6. ( والذين يرمون أزواجهم ) بالزنا ( ولم يكن لهم شهداء ) عليه ( إلا أنفسهم ) وقع ذلك لجماعة من الصحابة ( فشهادة أحدهم ) مبتدأ ( أربع شهادات ) نصب على المصدر ( بالله إنه لمن الصادقين ) فيما رمى به زوجته من الزنى

7. ( والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ) في ذلك وخبر المبتدأ تدفع عنه حد القذف

8. ( ويدرأ ) يدفع ( عنها العذاب ) حد الزنا الذي ثبت بشهادته ( أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين ) فيما رماها به من الزنا

9. ( والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ) في ذلك

10. ( ولولا فضل الله عليكم ورحمته ) بالستر في ذلك ( وأن الله تواب ) بقبوله التوبة في ذلك وغيره ( حكيم ) فيما حكم به في ذلك وغيره ليبين الحق في ذلك وعاجل بالعقوبة من يستحقها

11. ( إن الذين جاؤوا بالإفك ) أسوأ الكذب على عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين بقذفها ( عصبة منكم ) جماعة من المؤمنين قالت حسان بن ثابت وعبد الله بن أبي ومسطح وحمنة بنت جحش ( لا تحسبوه ) أيها المؤمنون غير العصبة ( شرا لكم بل هو خير لكم ) يأجركم الله به ويظهر براءة عائشة ومن جاء معها منه وهو صفوان فإنها قالت كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بعدما انزل الحجاب ففرغ منها ورجع ودنا من المدينة وآذن بالرحيل ليلة فمشيت وقضيت شأني وأقبلت النساء خفافا إنما نأكلن العلقة هو بضم المهملة القلادة فرجعت التمسه وحملوا هودجي على بعيري يحسبونني فيه وكانت النساء خفافا إنما يأكلن العلقة وهو بضم المهلة وسكون اللام من الطعام أي القليل ووجدت عقدي وجئت بعد ما ساروا فجلست في النزل الذي كنت فيه وظننت أن القوم سيفقدونني فيرجعون إلي فغلبتني عيناي فنمت وكان صفوان قد عرس من وراء الجيش فادلج أي نزل من آخر الليل للاستراحة فسار منه فأصبح في منزله فرأى سواد إنسان نائم أي شخصه فعرفني حين رآني وكان يراني قبل الحجاب فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني أي قوله إنا لله وإنا إليه راجعون فخمرت وجهي بجلبابي أي غطيته بالملاءة والله ما كلمني بكلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه حين أناخ راحلته ووطيء على يدها فركبتها فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعد ما نزلوا موغرين في نحر الظهيرة أي من أوغر واقفين في مكان وغر من شدة الحر فهلك من هلك وكان الذي تولى كبره منهم عبد الله بن أبي بن سلول أه قولها رواه الشيخان قال تعالى ( لكل امرئ منهم ) أي عليه ( ما اكتسب من الإثم ) في ذلك ( والذي تولى كبره منهم ) أي تحمل معظمه فبدأ بالخوض فيه وأشاعه وهو عبد الله بن أبي ( له عذاب عظيم ) هو النار في الآخرة

12. ( لولا ) هلا ( إذ ) حين ( سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم ) ظن بعضهم ببعض ( خيرا وقالوا هذا إفك مبين ) كذب بين فيه التفات عن الخطاب أي ظننتم أيها العصبة وقلتم

13. ( لولا ) هلا ( جاؤوا ) أي العصبة ( عليه بأربعة شهداء ) شاهدوه ( فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله ) في حكمه ( هم الكاذبون ) فيه

14. ( ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم فيما أفضتم ) أيها العصبة أي خضتم ( فيه عذاب عظيم ) في الآخرة

15. ( إذ تلقونه بألسنتكم ) أي يرويه بعضكم عن بعض وحذف من الفعل إحدى التاءين وإذ منصوب يمسكم أو بأفضتم ( وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا ) لا إثم فيه ( وهو عند الله عظيم ) في الإثم

16. ( ولولا ) هلا ( إذ ) حين ( سمعتموه قلتم ما يكون ) ما ينبغي ( لنا أن نتكلم بهذا سبحانك ) هو للتعجب هنا ( هذا بهتان ) كذب ( عظيم )

17. ( يعظكم الله ) ينهاكم ( أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين ) تتعظون بذلك

18. ( ويبين الله لكم الآيات ) في الأمر والنهي ( والله عليم ) بما يأمر به وينهى عنه ( حكيم ) فيه

19. ( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة ) باللسان ( في الذين آمنوا ) بنسبتها إليهم وهم العصبة ( لهم عذاب أليم في الدنيا ) بحد القذف ( والآخرة ) بالنار لحق الله ( والله يعلم ) انتفاءها عنهم ( وأنتم ) أيها العصبة بما قلتم من الإفك ( لا تعلمون ) وجودها فيهم

20. ( ولولا فضل الله عليكم ) أيها العصبة ( ورحمته وأن الله رؤوف رحيم ) بكم لعاجلكم بالعقوبة

28. ( فإن لم تجدوا فيها أحدا ) يأذن لكم ( فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ) بعد الاستئذان ( ارجعوا فارجعوا هو ) الرجوع ( أزكى ) خير ( لكم ) من القعود على الباب ( والله بما تعملون ) من الدخول بإذن وغير إذن ( عليم ) فيجازيكم عليه

29. ( ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع ) أي منفعة ( لكم ) باستكنان وغيره كبيوت الربط والخانات المسبلة ( والله يعلم ما تبدون ) تظهرون ( وما تكتمون ) تخفون في دخول غير بيوتكم من قصد صلاح أو غيره وسيأتي أنهم إذا دخلوا بيوتهم يسلمون على أنفسهم

30. ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ) عما لايحل لهم نظره ومن زائدة ( ويحفظوا فروجهم ) عما لا يحل لهم فعله بها ( ذلك أزكى ) أي خير ( لهم إن الله خبير بما يصنعون ) بالأبصار والفروج فيجازيهم عليه

31. ( وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ) عما لايحل لهن نظره ( ويحفظن فروجهن ) عما لا يحل لهن فعله بها ( ولا يبدين ) يظهرن ( زينتهن إلا ما ظهر منها ) وهو الوجه والكفان فيجوز نظره لأجنبي إن لم يخف فتنة في أحد وجهين والثاني يحرم لأنه مظنة الفتنة ورجح حسما للباب ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) أي يسترن الرؤوس والأعناق والصدور بالمقانع ( ولا يبدين زينتهن ) الخفية وهي ما عدا الوجه والفين ( إلا لبعولتهن ) جمع بعل أي زوج ( أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن ) فيجوز لهم نظره إلا ما بين السرة والركبة فيحرم نظره لغير الأزواج وخرج بنسائهن الكافرات فلا يجوز للمسلمات الكشف لهن وشمل ما ملكت أيمانهن العبيد ( أو التابعين ) في فضول الطعام ( غير ) بالجر صفة والنصب استثناء ( أولي الإربة ) أصحاب الحاجة إلى النساء ( من الرجال ) بأن لم ينتشرذكر كل ( أو الطفل ) بمعنى الأطفال ( الذين لم يظهروا ) يطلعوا ( على عورات النساء ) للجماع فيجوز أن يبدين لهم ما عدا بين السرة والركبة ( ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن ) من خلخال يتقعقع ( وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون ) مما وقع لكم من النظر الممنوع منه ومن غيره ( لعلكم تفلحون ) تنجون من ذلك لقبول التوبة منه وفي الآية تغليب الذكور على الإناث

32. ( وأنكحوا الأيامى منكم ) جمع أيم وهي من ليس لها زوج بكرا كانت أو ثيبا ومن ليس له زوج وهذا في الأحرار والحرائر ( والصالحين ) المؤمنين ( من عبادكم وإمائكم ) وعباد من جموع عبد ( إن يكونوا ) أي الأحرار ( فقراء يغنهم الله ) بالتزوج ( من فضله والله واسع ) لخلقه ( عليم ) بهم

33. ( وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا ) ما ينكحون به من مهر ونفقة عن الزنا ( حتى يغنيهم الله ) يوسع عليهم ( من فضله ) فينكحوا ( والذين يبتغون الكتاب ) بمعنى المكاتبة ( مما ملكت أيمانكم ) من العبيد والإماء ( فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا ) أي أمانة وقدرة على الكسب لإداء مال الكتابة وصيغتها مثلا كاتبتك على ألفين في شهرين كل شهر ألف فإذا أديتهما فأنت حر فيقول قبلت ( وآتوهم ) أمر للسادة ( من مال الله الذي آتاكم ) ما يستعينون به في أداء ما التزموه لكم ( ولا تكرهوا فتياتكم ) إماءكم ( على البغاء ) الزنا ( إن أردن تحصنا ) تعففا عنه وهذه الإرادة محل الإكراه فلا مفهوم للشرط ( لتبتغوا ) بالإكراه ( عرض الحياة الدنيا ) نزلت في عبد الله بن أبي كان يكره جواريه على الكسب بالزنا ( ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور ) لهن ( رحيم ) بهن

34. ( ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات ) بفتح الياء وكسرها في هذه السورة بين فيها ما ذكر أو بينة ( ومثلا ) خبرا عجيبا وهو خبر عائشة ( من الذين خلوا من قبلكم ) أي من جنس أمثالهم أي أخبارهم العجيبة كخبر يوسف ومريم ( وموعظة للمتقين ) في قوله تعالى ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون الخ ولولا إذ سمعتموه الخ يعظكم الله أن تعودوا الخ وتخصيصها بالمتقين لأنهم المنتفعون بها

35. ( الله نور السماوات والأرض ) أي منورهما بالشمس والقمر ( مثل نوره ) أي صفته في قلب المؤمن ( كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة ) هي القنديل والمصباح السراج أي الفتيلة الموقودة والمشكاة الطاقة غير النافذة أي الأنبوبة في القنديل ( الزجاجة كأنها ) والنور فيها ( كوكب دري ) مضيء بكسر الدال وضمها من الدرء بمعنى الدفع لدفعها الظلام وبضمها وتشديد الياء منسوب إلى الدر اللؤلؤ ( يوقد ) المصباح بالماضي وفي قراءة بمضارع أوقد مبنيا للمفعول بالتحتانية وفي أخرى توقد بالفوقانية أي الزجاجة ( من ) زيت ( شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية ) بل بينهما فلا يتمكن منها حر ولا برد مضرين ( يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار ) لصفائه ( نور ) به ( على نور ) بالنار ونور الله أي هداه للمؤمن نور على نور الإيمان ( يهدي الله لنوره ) لدين الإسلام ( من يشاء ويضرب ) يبين ( الله الأمثال للناس ) تقريبا لأفهامهم ليعتبروا فيؤمنوا ( والله بكل شيء عليم ) ومنه ضرب الأمثال

36. ( في بيوت ) متعلق بيسبح الآتي ( أذن الله أن ترفع ) تعظم ( ويذكر فيها اسمه ) بتوحيده ( يسبح ) بفتح الموحدة وكسرها أي يصلي ( له فيها بالغدو ) مصدر بمعنى الغدوات أي البكر ( والآصال ) العشايا من بعد الزوال

37. ( رجال ) فاعل يسبح بكسر الباء وعلى فتحها نائب الفاعل له ورجال فاعل فعل مقدر جواب سؤال مقدر كأنه قيل من يسبحه ( لا تلهيهم تجارة ) شراء ( ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة ) حذف هاء إقامة تخفيف ( وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب ) تضطرب ( فيه القلوب والأبصار ) من الخوف القلوب بين النجاة والهلاك والأبصار بين ناحيتي اليمين والشمال هو يوم القيامة

38. ( ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ) أي ثوابه وأحسن بمعنى حسن ( ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب ) يقال فلان ينفق بغير حساب أي يوسع كأنه لا يحسب ما ينفقه

39. ( والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة ) جمع قاع أي فلاة وهي شعاع يرى فيها نصف النهار في شدة الحر يشبه الماء الجاري ( يحسبه ) يظنه ( الظمآن ) أي العطشان ( ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ) مما حسبه كذلك الكافر يحسب أن عمله كصدقة ينفعه حتى إذا مات وقدم على ربه يجد عمله أي لم ينفعه ( ووجد الله عنده ) أي عند عمله ( فوفاه حسابه ) أي جازاه عليه في الدنيا ( والله سريع الحساب ) أي المجازاة

40. ( أو ) الذين كفروا أعمالهم السيئة ( كظلمات في بحر لجي ) عميق ( يغشاه موج من فوقه ) أي الموج ( موج من فوقه ) أي الموج الثاني ( سحاب ) غيم هذه ( ظلمات بعضها فوق بعض ) ظلمة البحر وظلمة الموج الأول وظلمة الثاني وظلمة السحاب ( إذا أخرج ) الناظر ( يده ) في هذه الظلمات ( لم يكد يراها ) أي لم يقرب من رؤيتها ( ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور ) أي من لم يهده الله لم يهتد

41. ( ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض ) ومن التسبيح صلاة ( والطير ) جمع طائر بين السماء والأرض ( صافات ) حال باسطات أجنحتهن ( كل قد علم ) الله ( صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون ) فيه تغليب العاقل

42. ( ولله ملك السماوات والأرض ) خزائن المطر والرزق والنبات ( وإلى الله المصير ) المرجع

43. ( ألم تر أن الله يزجي سحابا ) يسوقه برفق ( ثم يؤلف بينه ) يضم بعضه إلى بعض فيجعل القطع المتفرقة قطعة واحدة ( ثم يجعله ركاما ) بعضه فوق بعض ( فترى الودق ) المطر ( يخرج من خلاله ) مخارجه ( وينزل من السماء من ) صلة ( جبال فيها ) في السماء بدل باعادة الجار ( من برد ) أي بعضه ( فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء ) يقرب ( يكاد سنا ) لمعانه ( برقه يذهب ) الناظرة له أي يخطفها

44. ( يقلب الله الليل والنهار ) أي يأتي بكل منهما بدل الآخر ( إن في ذلك ) التقليب ( لعبرة ) دلالة ( لأولي الأبصار ) لأصحاب البصائر على قدرة الله تعالى

45. ( والله خلق كل دابة ) حيوان ( من ماء ) نطفة ( فمنهم من يمشي على بطنه ) كالحيات والهوام ( ومنهم من يمشي على رجلين ) كالإنسان والطير ( ومنهم من يمشي على أربع ) كالبهائم والأنعام ( يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير )

46. ( لقد أنزلنا آيات مبينات ) بينات هي القرآن ( والله يهدي من يشاء إلى صراط ) طريق ( مستقيم ) دين الإسلام

47. ( ويقولون ) المنافقون ( آمنا ) صدقنا ( بالله ) بتوحيده ( وبالرسول ) محمد ( وأطعنا ) هما فيما حكما به ( ثم يتولى ) يعرض ( فريق منهم من بعد ذلك ) عنه ( وما أولئك ) المعرضون ( بالمؤمنين ) المعهودين الموافق قلوبهم لألسنتهم

48. ( وإذا دعوا إلى الله ورسوله ) المبلغ عنهم ( ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون ) عن المجيء إليه

49. ( وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين ) مسرعين طائعين

50. ( أفي قلوبهم مرض ) كفر ( أم ارتابوا ) أي شكوا في نبوته ( أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله ) في الحكم أي فيظلموا فيه لا ( بل أولئك هم الظالمون ) بالإعراض عنه

51. ( إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم ) فالقول اللائق بهم ( أن يقولوا سمعنا وأطعنا ) بالإجابة ( وأولئك ) حينئذ ( هم المفلحون ) الناجون

52. ( ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ) يخافه ( ويتقه ) بسكون الهاء وكسرها بأن يطيعه ( فأولئك هم الفائزون ) بالجنة

53. ( وأقسموا بالله جهد أيمانهم ) غايتها ( لئن أمرتهم ) بالجهاد ( ليخرجن قل ) لهم ( لا تقسموا طاعة معروفة ) للنبي خير من قسمكم الذي لا تصدقون فيه ( إن الله خبير بما تعملون ) من طاعتكم بالقول ومخالفتكم بالفعل

54. ( قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا ) عن طاعته بحذف إحدى التاءين خطاب لهم ( فإنما عليه ما حمل ) من التبليغ ( وعليكم ما حملتم ) من طاعته ( وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين ) أي التبليغ البين

55. ( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض ) بدلا من الكفار ( كما استخلف ) بالبناء للفاعل والمفعول ( الذين من قبلهم ) من بني إسرائيل بدلا من الجبابرة ( وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم ) وهو الإسلام بأن يظهره على جميع الأديان ويوسع لهم في البلاد فيملكوها ( وليبدلنهم ) بالتخفيف والتشديد ( من بعد خوفهم ) من الكفار ( أمنا ) وقد أنجز الله وعده لهم بما ذكر وأنثى عليهم بقوله ( يعبدونني لا يشركون بي شيئا ) هو مستأنف في حكم التعليل ( ومن كفر بعد ذلك ) الإنعام منهم به ( فأولئك هم الفاسقون ) وأول من كفر به قتلة عثمان رضي الله عنه فصاروا يقتتلون بعد أن كانوا إخوانا

56. ( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون ) رجاء الرحمة

57. ( لا تحسبن ) بالفوقانية والتحتانية والفاعل الرسول ( الذين كفروا معجزين ) لنا ( في الأرض ) بأن يفوتونا ( ومأواهم ) مرجعهم ( النار ولبئس المصير ) المرجع هي

58. ( يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم ) من العبيد والإماء ( والذين لم يبلغوا الحلم منكم ) من الأحرار وعرفوا أمر النساء ( ثلاث مرات ) في ثلاثة أوقات ( من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ) وقت الظهر ( ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ) بالرفع خبر مبتدأ مقدر بعده مضاف وقام المضاف إليه مقامه هي أوقات أو بالنصب بتقدير أوقات منصوبا بدلا من محل ما قبله قام المضاف إليه مقامه وهي لإلقاء الثياب تبدو فيها العورات ( ليس عليكم ولا عليهم ) المماليك والصبيان ( جناح ) في الدخول عليكم بغير استئذان ( بعدهن ) بعد الأوقات الثلاثة هم ( طوافون عليكم ) للخدمة ( بعضكم ) طائف ( على بعض ) والجملة مؤكدة لما قبلها ( كذلك ) كما بين ما ذكر ( يبين الله لكم الآيات ) أي الأحكام ( والله عليم ) بأمور خلقه ( حكيم ) بما دبره لهم وآية الاستئذان قيل منسوخة وقيل لا ولكن تهاون الناس في ترك الاستئذان

59. ( وإذا بلغ الأطفال منكم ) أيها الأحرار ( الحلم فليستأذنوا ) في جميع الأوقات ( كما استأذن الذين من قبلهم ) أي الأحرار الكبار ( كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم )

60. ( والقواعد من النساء ) قعدن عن الحيض والولد لكبرهن ( اللاتي لا يرجون نكاحا ) لذلك ( فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن ) من الجلباب والرداء والقناع فوق الخمار ( غير متبرجات ) مظهرات ( بزينة ) خفية كقلادة وسوار وخلخال ( وأن يستعففن ) بأن لا يضعنها ( خير لهن والله سميع ) لقولكم ( عليم ) بما في قلوبكم

61. ( ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ) في مؤاكلة مقابليهم ( ولا ) حرج ( على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم ) بيوت أولادكم ( أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه ) خزنتموه لغيركم ( أو صديقكم ) وهو من صدقكم في مودته المعنى يجوز الأكل من بيوت من ذكر وإن لم يحضروا إذا علم رضاهم به ( ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا ) مجتمعين ( أو أشتاتا ) متفرقين جمع شت فيمن تحرج أن يأكل وحده وإذا لم يجد من يؤاكله يترك الأكل ( فإذا دخلتم بيوتا ) لكم لا أهل بها ( فسلموا على أنفسكم ) قولوا السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فإن الملائكة ترد عليكم وإن كان بها أهل فسلموا عليهم ( تحية ) مصدر حيا ( من عند الله مباركة طيبة ) يثاب عليها ( كذلك يبين الله لكم الآيات ) يفصل لكم معالم دينكم ( لعلكم تعقلون ) لكي تفهموا ذلك

62. ( إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه ) الرسول ( على أمر جامع ) كخطبة الجمعة ( لم يذهبوا ) لعروض عذر لهم ( حتى يستأذنوه إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم ) أمرهم ( فأذن لمن شئت منهم ) بالإنصراف ( واستغفر لهم الله إن الله غفور رحيم )

63. ( لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا ) بأن تقولوا يا محمد بل قولوا يا نبي الله يا رسول الله في لين وتواضع وخفض صوت ( قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا ) أي يخرجون من المسجد في الخطبة من غير استئذان خفية مستترين بشيء وقد للتحقيق ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره ) أي الله أو الرسول ( أن تصيبهم فتنة ) بلاء ( أو يصيبهم عذاب أليم ) في الآخرة

64. ( ألا إن لله ما في السماوات والأرض ) ملكا وخلقا وعبيدا ( قد يعلم ما أنتم ) أيها المكلفون ( عليه ) من الإيمان والنفاق ويعلم ( ويوم يرجعون إليه ) فيه التفات عن الخطاب أي متى يكون ( فينبئهم ) فيه ( بما عملوا ) من الخير والشر ( والله بكل شيء ) من أعمالهم وغيرهم ( عليم )

 

أعلى